استهل رئيس الجمهورية اللبنانية خطابه بتوصيف الحالة الجهنمية التي يعيشها الشعب اللبناني اليوم وطرح عددا لا بأس به من الأسئلة متعجبا من الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد. لكن اللافت في الأمر أن فخامته ينظر إلى التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وكأنه ثائر ينتمي إلى المعارضة الشعبية وقد نسي أو تناسى أنه القائد الأول الذي يدير دفة المسار السياسي الذي أثر على كل المسارات ففقدنا البوصلة الوطنية للوصول إلى بر الأمان.
يا فخامة الرئيس، نحن شعب سئم من الخطابات الرسمية والمصطلحات المنمقة، نحن شعب هرمت أوراقه وشهاداته قبل أن تنمو ثماره، نحن شعب متلهف لإنجاز وطني واحد، لاستيقاظ ضمير مسؤول واحد، لخطوة عملية واحدة في التغيير والإصلاح.إن الشخص الذي يأخذ على عاتقه مسؤولية إدارة البلاد من واجبه اتخاذ قرارات فورية ومصيرية تساهم في وضع اللجام للانحدار الكارثي المتجه نحو الجحيم. فالعمل السياسي الحقيقي لا يقتصر على طرح الأسئلة والتعجب وقراءة الخطابات، بل يتعداه إلى عدم عرقلة أي قانون فيه منفعة عامة ويشمل اتخاذ القرارات الوطنية حتى من دون صلاحيات. فالرئيس القوي هو الذي ينبت صلاحياته من صحراء الدستور ورماله السياسية المتحركة من أجل إنقاذ شعبه ووطنه.
لم يعد لدينا رفاهية الوقت يا فخامة الرئيس حتى للإجابة عن أسئلتكم. فأرواح شهداء انفجار مرفأ بيروت لا تزال تحوم حول القصر الجمهوري والحكومة والمجلس النيابي وبين دفاتر القضاة التي التهمتها جراثيم المحسوبيات والتبعية السياسية.فلا يمكن أن يكون الرئيس قويا وشعبه ضعيفا تائها في غربة بلاده!