“القضاء والمجلس النيابي اللبناني:من سيوجه اللكمة الخطافية؟!”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري: “القضاء للضعفاء!”. قالها وهو الآتي من رحم القضاء، قالها وهو العراب الأول لبتر كل خطوة قضائية مستقلة، قالها لأنه أسس ورفقاء الحرب البنية القوية للبلطجة السياسية المدعمة ببدعة الحصص الطائفية.
معك حق أيها الشعبوي المحنك الذي استثمر “كاريزمته السياسية” ليس فقط في الاستيلاء على المال العام، بل أيضا في الاستقواء على المصلحة العامة. ففي شريعة مجلس النواب اللبناني، تكاد تترحم على قانون الغاب لأن الغابة تمتلك على الأقل قانونا تحترمه كل الكائنات الأليفة والمفترسة. أما في مجلس الشعب المتخصص في نهب الشعب وتفقيره وتفعيل تبعيته لمافيا السياسة، فلا مكان للقانون ولا احترام لاستقلالية القضاء، بل إن هذا المجلس المهترئ هو عبارة عن أعراف سياسية تتغير وتتعدل حسب مصالح السياسيين. فعندما يناديهم الواجب الوطني لإقرار قانون يخدم المصلحة العامة، يجردون أنفسهم من الصلاحيات ويبدأون بالعواء: ” هذا خرق للدستور والسيادة!”. أما عندما تناديهم الصفقات الدسمة المتبلة بالصلصة الخضراء، يحولون الدستور إلى نعل مرمي في جوارير المحاكم الخندقية.
أيها الشعب اللبناني الحكيم الذي يطالب بالمدينة الفاضلة، هل فكرت يوما بالعدد الهائل للنواب في مجلس مدينة الرذيلة؟! هل تساءلت مرة ما الذي أرهق جيبك واستنزف عرقك كل تلك السنوات؟! ١٢٨ نائبا لا يمثلون بأغلبيتهم الساحقة إرادة الشعب في بلد تخلى الشعب عن حقوقه لصالح حقوق الطائفة فلم يتذوق الرفاهية إلا زعيم الطائفة وحاشيته.
إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من مجلس النواب وأي كلام آخر هو هرتقة سياسية وفزلكة لغوية تضلل طريق النضال الوطني وتعزز أكثر فأكثر إستشراس هؤلاء المرتزقة. أول خطوة ثورية إصلاحية يجب تنفيذها هي “تشحيل” عدد النواب إلى النصف على الأقل وتقصير ولاية المجلس النيابي ورفع الحصانة البرلمانية. إن العدد العملاق للنواب في لبنان أرهق الشعب وأثقل كاهل خزينة الدولة وفتح الباب أمام تجار الأرواح للإستثمار السياسي في مناصب رسمية بغية تجميع الثروات.
الدستور اللبناني بحاجة إلى جلسات علاج فيزيائي لأنه غير قادر على الحركة بسبب الضربات السيادينية التي تعرض لها من القريب والبعيد. وهذا الكائن القانوني بحاجة أيضا إلى بتر بعض أعضائه التي استفحلت بها “الغرغرينة الحزبية” ويتطلب بقاؤه على قيد دولة زراعة أعضاء لبنانية جديدة تنسجم مع متطلبات العصر ومطالب الشعب.
وبالعودة إلى مقولة الأستاذ الشهيرة: “القضاء للضعفاء!”، أود أن أشرح لأتباعه ولأتباع الرموز السيادينية الأخرى كيف أصبح القضاء للضعفاء: عندما تستلم إدارة البلد عناصر من عصابة الشوارع، يصبح القضاء للضعفاء. عندما يعين زعيم الطائفة القاضي والمدير والموظف ورئيس البلدية وجابي الضرائب وحاكم المصرف وكل مسؤول في القطاع العام والخاص، يصبح القضاء للضعفاء. عندما يستحوذ كائن سياديني ما على كرسي ما لعقود ضوئية ولا يؤمن بأن السلطة “مداورة”، لا يصبح فقط القضاء للضعفاء، بل يصبح القضاء على الضعفاء تحصيل حاصل.
على الشعب اللبناني أن يعي خطورة استمرارية المجلس النيابي الحالي لما يمثله من مستنقع جمعت فيه زمرة كاملة من القساد. المجلس النيابي هو مرآة للشعب، فهل أنت راض يا شعبي عن صورتك المتصدعة التي تعكس ضبابية مستقبلك وتشوه جمال حاضرك؟! القرار بيدك أيها الشعب المنكوب، فإما تحارب لسلخ القضاء عن التدخلات السياسية وتساهم في بناء عضلات قضائية جبارة توجه اللكمة الخطافية لأذرع الفساد، وإما تستكمل تلك الهتافات الساذجة وتطعن السلطة القضائية بسكين ذلك المجلس النيابي الذي اعتاد على اغتيال صوت الشعب!
https://www.facebook.com/newlebanese.org/posts/333676168061674