المباديء والرؤية الإنتخابية لخوض معركة الإنتخابات للعام 2022
إئتلاف قوى التغيير والثورة – عكار
مقدمة
إن المنطلق لإستعادة الدولة المخطوفة بالسلاح والفساد والطائفية، والأساس الصلب للإصلاح السياسي المأمول لقيام الدولة الحديثة، يكمن في وضع قانون عصري ديموقراطي للتمثيل النيابي، يتضمن خلاصة المبادىء الضامنة للتمثيل الصحيح، بما يفتح المجال أمام تطوير الحياة السياسية على أسس تتجاوز العصبيات الضيقة.
من هذه المبادىء نظام التمثيل النسبي السليم، وخفض سنِّ الإقتراع إلى 18 سنة، ومشاركة المغتربين في الإقتراع حسب دوائر قيدهم الأساسي، وتحديد كوتا نسائية، ووضع سقف للنفقات الإنتخابية، وضمان حق متكافئ للمرشحين في استخدام الإعلام الرسمي وغير الرسمي، واعتماد البطاقة الإنتخابية الممغنطة والمقرونة بحق الإقتراع في مكان السكن (الميغاسنتر)، على أن تدير العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها هيئة إشرافٍ قضائية مستقلة تكون المرجعية للجهات الأمنية المعنية بأمن الإنتخابات.
إن الإستحقاق الإنتخابي المقبل في العام 2022، هو الأول الذي يتم بعد ثورة “17 تشرين”، العابرة للحواجز الطائفية والمناطقية، والتي أخرجت أكثرية اللبنانيين من إنتماءات أولية مفروضة عليهم، غادروا التعصب والتمذهب فصنعوا المنعطف التاريخي الأعمق في لبنان منذ الاستقلال في العام 1943. وقد رسمت ثورة تشرين تأثيراتٍ عميقة جذّرت وعياً شعبياً بحقوق المواطنين وأبرزت أهمية كلِّ فرد وكلِّ صوت، كما تركت تأثيرات على شتى نواحي الحياة العامة والسياسية.
إن هذا الإستحقاق، هو الأول بوضوحه في تاريخ لبنان بين قوى تغييرية منتمية للثورة، في مواجهة مع طبقة سياسية فاسدة توارثت الحكم منذ الإستقلال، قوى ميليشيا حرب ومال أحكمت قبضتها على البلد منذ نهاية الحرب الأهلية.
ولأننا معنيون بكبح الإنهيارات التي تضرب بلدنا وأهلنا، ومعنيون باستعادة الدولة ونهوضها، وبناء البديل. ولهذا فإننا نؤمن بلبنان دولة ديموقراطية حديثة تحترم حرية المعتقد، دولة الحق والقانون والمؤسسات، دولة حقوق الإنسان والقضاء المستقل , دولة العدالة الإجتماعية والتنمية، الدولة التي تضع حداً نهائياً لكل أشكال الإمتيازات، وتستند إلى ثقافة المحاسبة وآلياتها، وتستجيب لتطلعات مواطنيها بضمان إحترام التنوع وحماية الحريات الخاصة والعامة.
لأننا كذلك سنولي كل جهدنا لبناء أوسع تحالف وطني لقوى التغيير، المنبثقة من “17 تشرين”، والمنفتحة على التعاون، مع كل الحيثيات المدينية والمناطقية الرافضة إستمرار هيمنة المنظومة الطائفية التقليدية المتحكمة بالبلد على قاعدة ارتهانه للخارج، سواء من خلال تسليمها قرار البلد لحزب الله، أو من خلال الإرتباط بأي مشاريع نفوذ ومحاور إقليمية أو دولية.
سنخوض هذا الإستحقاق الإنتخابي ترشيحاً واقتراعاً، رغم القانون المسخ الساري المفعول الذي على أساسه ستتم الإنتخابات. هو قانون مخلٌّ بوحدة التشريع، غير مساوٍ بين اللبنانيين، متصادم مع الدستور لمذهبته العملية الإنتخابية، وهو حصيلة تواطؤ قوى طائفية وحيتان المال ومافياته، قدمت مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية وصحة التمثيل.
اولا: ما نرفضه
إن إنخراطنا في العملية الإنتخابية، والعمل السياسي عموماً يتم تحت شعارات رفض الدولة – المزرعة، ونظام المحاصصة الطائفي – الغنائمي والزبائنية، الذي قام على بدع حلّت مكان الدستور المعلق الممنوع من التنفيذ منذ الأيام الأولى لسيطرة النظام السوري. كما نرفض منحى الذهاب إلى دولة بوليسية، من خلال تحويل الأجهزة الأمنية والعسكرية لأدوات قمعٍ للمواطنين وحماية للمتسلطين. وننخرط في العملية الإنتخابية تحت عنوان عريض هو رفض استتباع لبنان لمحاور إقليمية ، محور الممانعة بقيادة النظام الإيراني، أو لأي محاورإقليمية أو دولية.
ثانيا: ما نسعى إليه
دولة ديموقراطية حديثة، تستند إلى الدستور كما عدلته وثيقة الوفاق الوطني – إتفاق الطائف. هي الدولة الحديثة دولة القانون التي تبسط سيادتها على كل تراب البلد بقواها الشرعية دون شريك، تملك قرار الحرب والسلم ولا ينازعها به أي جهة، تستند في سياستها الخارجية إلى دستورها والمواثيق والقرارات الدولية التي تضمن حدودها وسيادتها.
إنها الجمهورية المستقلة والسيدة بكل قيمها. جمهورية برلمانية تحترم الفصل بين السلطات وتعاونها وترفض بشدة بدع الأثلاث المعطلة. تحترم التنوع والحريات، وترفض النظام الإقتصادي المشوه القائم على الريع والزبائنية والفساد والذي فتح الأبواب أمام تسلط كارتل مصرفي خطير. إنها الجمهورية التي لا تدير الظهر للسياسات الإجتماعية التي تحمي العمل والعمال والمستخدمين وتدعم المنتجين الصغار، كما تضمن حق منح اللبنانية الجنسية لأولادها، وتولي أهمية لحقوق المرأة والطفل وترعى المسنين. وهي الجمهورية التي تشجع الإستثمار في لبنان الأخضر وترفض التصحير وتؤمن متطلبات الإستدامة البيئية.
إنها الجمهورية بكل قيمها. تحمي إستقلالية السلطة القضائية وتضع عليها الرهان الكبير لحماية الحقوق واستعادة الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين الناهبين ممن رهنوا البلد لأعدائه. كما مواجهة التهميش وخطاب التمييز والكراهية. إنها الجمهورية التي تعيد لمؤسسات الرقابة دورها كاملاً، وبالأخص مجلس الخدمة المدنية والتفتيش وديوان المحاسبة.
إنها الجمهورية بكل قيمها. الجمهورية المطالبة بنفض القطاع العام، وإعادة بناء جهاز الدولة، والإستثمار مجدداً بالصحة والتعليم العام، من الروضة إلى الجامعة الوطنية، وقد شكل هذا المنحى دوماً أبرز عناصر ثروة اللبنانيين. وإنها الجمهورية المطالبة بالمبادرة في الإستثمار بالأمن: زيادة العديد ونوعية التسليح، لأن لبنان اليوم أحوج ما يكون لأن يستعيد حياداً أُرسي على مبدأ أنه لن يكون مقراً ولا ممراً للإعتداء على أشقائه، والتنبه أن لا حياد واستقلال واستقرار بدون القوة الذاتية والتزام المواثيق والإتفاقات الدولية.
وبعد، مطلبنا المحوري التدقيق المحاسبي الجنائي، لأنه حق لكل اللبنانيين الذين نهبوا وأفقروا وتعرضوا للإذلال. ووحده التدقيق الجنائي يضع البلد على المسار المحاسبي السليم، للقطع مع الفساد والهدر والتهريب، فيسمح بإطلاق خطة فورية عادلة للإنقاذ الإقتصادي والمالي، بحيث لا يدفع عامة الناس ثمن الإنهيارات.
خاتمة
لقد صدعت “17 تشرين الطبقة السياسية، لكنها لم تتمكن من قلبها، لأنها لم تبلور بعد البديل السياسي، ولم تفرز الجبهة السياسية التي يمكن أن تكون الأداة الكفاحية دفاعاً عن الحقوق والمطالب اليومية للناس. فلتكن الإنتخابات العامة القادمة ، مناسبة ومحطة، للعمل مع من انتفضوا وصنعوا “17 تشرين” بما هم ضمانة السلم في البلد وحماية الإستقرار، ليخوضوا من جهة معركة الفوز في الإنتخابات، ومن الجهة الأخرى العمل على بلورة البديل السياسي والقيادي المطلوب للبنان آخر ما زال ممكناً.