ألجحيم ُالّذي يعيش ُ فيه كلُّ شياطين الأرضِ ، هو وطني .
لم يكن وداعاً كان اختناقاً وموتاً بطيئاً للحلُمِ.
غادة المرّ 🦋🇱🇧
اللبنانيون الجدد
ذاكَ المساءُ ..
بعلبكُ .. مدينةُ الشّمسِ ، من معبدِ باخوسَ ،إبداعٌ، وميضُ أملٍ وفرحٍ عبرَتْ حدودَ الوطنِ إلى العالمِ ، فأنارتْ جحيمَ ليلِ وطنٍ ،يرزحُ تحتَ عجلاتِ حاضرٍ بائسٍ ومظلمٍ .
طغى حضورُ بيتهوفن ،جبران خليل جبران، فيروز ،الرّحابنة ،وسحرُ و روعةُ أناملَ وصوتِ وكلماتِ وعزفِ الفرقةِ الموسيقيّةِ اللّبنانيّةِ بقيادة ِالمايسترو هاروت فازيليان ، عمالقةُ الإبداعِ العالميِّ والّلبنانيِّ .
ذاكَ المساء ُ..
صدحتْ موسيقى الحياةِ و أطيافُها في عروقنا وأرواحنا وأيقظتْ ذاكرةً وحنيناً لا يهدأُ ، وفاضَ سيلٌ من الصّورِ والعزِّ والأمجادِ لحقبةٍ ذهبيّةٍ ولّتْ وما زالتْ تعيشُ في وجدانِنا.
برزتْ صورةُ لبنانَ ،حضارتُه ،ثقافتُه وأمجادُه، الّتي أمعنوا في تهشيمها وتشويه معالِمها وطمسِها ، فطغتْ على هدير ِ صوتِ الجّوعِ والوجعِ والحقدِ والذّلِ والحرمانِ .
لا تطفئوا أنوارَ مدينةِ الشّمسِ كي لا ينطفيءَ الحلمُ والأملُ والحنينُ في قلوبنا الموجوعةِ والدّاميةِ .
أطفئوا بيوتَ السّياسيّين وحكّامنا الفاسدين المستبدّين، وأضيئوا بيوتَ النّاسِ المقهورةِ .
أشعِلوا أنوارَ قلعةِ بعلبك َوصور َوصيدا وجبيل َوطرابلس َوعنجرَ وردّوا الرّوحَ لساكنيها .
ذاكَ المساءُ..
وقفتْ مدينةُ الشّمسِ شامخةً ، وعبَرَتْ الوجدانَ والحواسَّ لشعب ٍ ترعرعَ على روعةِ الإبداعِ والموسيقى والفنِّ الراقي وثقافةِ الحياةِ والإنفتاح ِوالحرّيةِ .
ذاكَ المساءُ ..
كان الصمتُ والخشوعُ والدّموعُ والغصةُ أبلغَ صلاةٍ جماعيّةٍ صامتةٍ .
أأبكيكَ يا وطني أم تبكيني ؟
حين يبكي الرّجالُ في وطني ، وينتحرون ..
فلتحلَّ عليكم لعنةُ ساكن ِالّسماءِ ولتدوسَكم عجلاتُ مزبلةِ التاريخِ .
ألجحيمُ الّذي يعيشُ فيه كلُّ شياطين الأرضِ .. هو وطني لبنانَ .
عذراً منكم يا أولادي. لم أستطعْ أن أُهديكم وطناً على مساحةِ أحلامِكم وطموحاتِكم ، تعيشون فيه بكرامةٍ وحريّةٍ وحضارةٍ ، تتمتّعون بكاملِ حقوقِ الإنسانِ والمواطنِ وتبنون فيه حياةً كريمةً ، مريحةً ومستقبلاً واعداً لكم ولأولادِكم .
أن تتمنّى حصولَ السيِّء خوفاً من الأسوأ والأسوأ، هو أسوأ ما يمكنُ أن يحصلَ لكَ .
شياطينُ الطّبقةِ السّياسيّةِ في لبنانَ، سرقوا .. نهبوا .. وجعلوا من الوطنِ جهنَّم. قتلوا أحلامَنا وبعثروا جنى عمرِنا ونهبوا ثرواتِ وخيراتِ الوطنِ ، ودفعوا فلذاتِ أكبادنا للهجرةِ سعياً وراءَ أحلامِهم ولقمةِ عيشِهم وحقوقِهم كبشر ٍ .
إنّهم شياطينُ وطني ..
غيّروا وجهَه ، طمسوا حضارتَه وفصّلوا الحياةّ فيه على مقاسِ فسادِهم وصفقاتِهم و أجنداتِهم الخارجيّةِ وجعلوه جحيماً فيه يرقصون رقصةَ الموتِ والإنتحارِ البطيءِ .
ذاكَ المساء ُ..
لبنانُ رقصَ زهواً بألوان ِقوسِ قُزَحٍ في قلوبِنا وعيونِنا .
ذاكَ المساء ُ..
حين صمتتِ الموسيقى وأنطفأتِ الأنوارُ ، لم يكن وداعاً .. كان إختناقاً وموتاً بطيئاً
للحلمِ والحياةِ فينا .
ذاكَ المساءُ كان لبنانُ ، لبنانُنا نحنُ، هناكَ .. و عادَ الحلمُ والأملُ ينبُضُ فينا .