خاص اللبنانيون الجدد
بقلم : شهيد من شهداء تفجير المرفأً
الإخوة العرب ..
شكرا لأنكم أرسلتم طائراتكم ومستشفياتكم والأطباء , وهرعتم لنجدة لبنان …
هل تعرفون ما نحتاجه منكم حقيقة ..نحتاج منكم أن تتركوا أحزابنا وطوائفنا ..في حالها ولا تدعمون فئة على حساب أخرى , فأنتم من أوصلتمونا لهذا الحال…
نحتاج منكم أن تتذكروا , أننا أنتجنا لكم فيروز …التي كانت مثل الندى على كل وردة نبتت في عاصمة عربية , فيروز كانت ندى صباحاتكم أيها العرب ..
نحتاج منكم أن تتذكروا الرحابنة , وكيف قدموكم في المشهد العالمي الموسيقي ..وكيف أقاموا للثقافة العربية مساحة في فضاءات هذه الدنيا , حين كانت هذه الثقافة لاتنتج إلا الحرب والقبائل التي تلهو بدم القبائل ..والنساء اللواتي يحضرن في الهامش فقط ..
أيها العرب ..تذكروا فرنسا , ولندن …تذكروا صحن التبولة الذي كنتم تطلبونه في مطاعم .الغرب , وتذكروا أنكم كنتم تفتخرون بلبنان …وكيف صنع مساحة له وهوية للعالم العربي حتى في الطعام , لبنان علم الدنيا أن الذوق لايستقيم إلا على أطباقه ..
نحتاج منك يا عرب أن تتذكوا بيروت , فحين ضاقت عواصمكم بالمقاومة ..ضمت الفلسطيني والعربي وضمت كل ثائر أممي , ووحدت بين دم اللبناني ودم الفلسطيني , ودفعت من دم أولادها أكثر لفلسطين …ونهضت من قلب الخراب حرة , لم تقم بلومكم بيروت ..لم تصرخ وتقول أن إخوتها ظلموها وتركوها للنزف , وظلت حرة عفيفة ..مثل مريم لم يدنس فيها الثوب ولا الشعر ولا كحل العيون ..
نحتاج منكم يا عرب أن تتذكروا جبال لبنان , فحين كان القيظ والحر وضيق الحرية يفتك بأرواحكم , كنتم تأتون لمطابع لبنان كي تنشروا كتبكم , كنتم تأتون لصحف لبنان كي تتعلموا منها الحرية والديمقراطية ومعنى صون كرامة الإنسان …نحتاج أن تتذكروا هواء بيروت وكم استعاد فيكم الروح …وكيف علمكم الشاطيء لغة الغزل, ولغة النساء ولغة الحياة ..
نحتاج منكم أن تتذكروا يا عرب ..أن بيوت لبنان فتحت لكم , وأن زحلة وطرابلس والجنوب وكل شجيرات الأرز حنت عليكم , حين كان الأمن في بلدانكم يطاردنكم ..لبنان لم تعتقلكم مثلما فعلت فيكم عواصمكم ..بيروت دللتكم , وفي رمل الشاطيء تركت أثر الخطى لديكم ..وحمت فيكم الحلم والدمع والأمل .
قبل أن ترسلوا طائراتكم وأطبائكم ..قولوا لأجهزة مخابراتكم أن تكف يدها عنا , قولوا لها أن تكف عن إرسال المال لفصيل على حساب اخر , لبنان لم يكن فيها لاشيعي ولادرزي ولاسني .. ولاماروني , أنتم في دوائر مخابراتكم من قسمتم لبنان ..إلى طوائف , وأحزاب وحكومات تقتل فينا الفرح …أنتم من جعلتم كل طرف يتمترس خلف التعصب والشماتة …أنتم وحدكم وفي دوائر مخابراتكم , وأجهزتكم الأمنية من كتبتم الإتفاقات باسمه , ووقعتم باسمه واختلفتم على الكعكة , وكنا نحن ضحاياكم ..
شكرا يا عرب لطائراتكم , شكرا للدولارات وبراميل النفط التي أرسلتموها , شكرا للأطباء والعسكر , شكرا لدمعاتكم المرة علينا , شكرا لإذاعاتكم التي علمناها كيف تبث وبنينا فيها الثقافة والصوت والرسالة ..وصارت تبكي علينا , شكرا لوزرائكم الذين عبأوا بريد بيروت ببرقيات الحزن والاستهجان …شكرا لرؤسائكم الذين أنتجوا الإستهجان , في حين أن بيروت كانت عبر تاريخها تنتج نظريات النضال والثورة ….
شكرا يا عرب ..إذا أردتم خدمتنا , فاتركوا بيروت في شأنها ..لقد قسمتم فينا المقسم وجزأتم أكثر مما جزء البحر من الصخر …وجئتم بعد كل هذا الدم تبكون لبنان , وأنتم من أسستم فيه أبحر الدمع والفواجع كلها ..
شكرا أيها العرب ..