جميلةٌ أنتِ يا ثورتي .. كبصمةِ وطنٍ في القلب ِ لا تمحى ولا تزولُ.
غادة المرّ
اللبنانيون الجدد
ويسألونني ، أين أنتَ منّي يا وطني ..يا وجعي ؟؟
فأقولُ أنتَ هنا ، قريبٌ منّي لا يفصلُنا سوى الصّمتُ والغيابُ .
أن أهجرَ وطني وأرحلَ، لأنّني غرِقتُ بزخّاتِ مطرِ الذّلِ، اليأسِ والظّلمِ، وبلّلتْ شعري ، ثيابي وروحي أمطارُ الغربةِ ، والوجعِ في وطني. أينَ أذهبُ.؟. فهي تُمطرُ في كلِّ الأوطانِ.
أوتسألُني أينَ وطني؟؟
وطني أنتَ ..
وطني أنتم .. يا ثوّارَ أرضي وعنفوانها ؛ وسماؤها المتمرّدة والشّامخة .
وطني في عيونِ كرامةِ شعبٍ ثائرٍ ، مقموعٍ ؛ أشبعوه ذلاً ،قهراً ووجعاً. سلبوه حقوقَه ، أموالَه وحرّيته .
أحرارٌ .. وُلِدنا وترعرعنا على العزّةِ وطاردنا أحلاماً ذهبيّةً وراءَ النّجومِ .
تبّاً لكم يا مارقين.. يا جحافِلَ اللّيلِ وسوادَ ظلامه الفاسدِ والقاتلِ .من وراءِ تاريخِ الأحقادِ ، أتيتم وغرستم خناجِركم في ظهرِ كرامةِ الوطنِ والمواطنِ .
شوّهتم.. بدّلتم الرّايَةَ بأخرى، مغلّفةً بالحقدِ والطّائفيّةِ وملحٍ فاسدٍ من عرقِ شعبٍ كادحٍ ، مُسالمٍ،
يموتُ كلَّ يومٍ على الطّرقاتِ وفي أقبيةِ قمعكِم وقضائِكم المنحازِ والمكبّلِ.
يكدحون وراءَ لقُمةِ عيشهم، مغمّسةً بالدّمِ والعرقِ. يقبعون في زوايا العمرِ الهاربِ والخائفِ من بطشِكم
وحدِّ سيفِ سلاحِكم الكافرِ المسلّطِ على الرّقاب ِ .
منْ أنتم ياأشباحاً من الماضي الدّامي والحاقدِ.. تصولون وتجولون وتأمرون . ولا من رادعٍ أو حسيبٍ.؟
تحطّمون وتشوّهون وتقتلعون من صدورنا تاريخاً ،ثقافةً وحضارةً تعيشُ فينا.
تنهبون جنى عمرِ النّاسِ المؤمنةِ بغدٍ وبوطنٍ ، رسَمتْه على مقاسِ أحلامِها البريئاتِ وقدسيّةِ قضيّةِ شعبِ دفع َثمنها قوافلَ منَ الأبطالِ والشّهداءِ .
أما شبعتم بعد ُ من دموعِ وبكاءِ الأمّهاتِ والزوجاتِ والأبناءِ ؟؟
أما رفَّ لكم جَفنٌ من صراخِ وجوعِ وتشرّدِ الأطفالِ في الغرفِ الخاوياتِ ؟؟
أما تحرّكَ لكم ضميرٌ أمامَ وجعِ شبابٍ ، وضعوا كلَّ أحلامِهم ومستقبلِهم وخيباتِهم في حقائبَ سفرهِم السّوداءِ ..حزناً؛ ومشَوا من دون وداعٍ ؟؟
أما إكتفيتم حروباً عبثيّةً، مجنونةً ، تسحقُ الأجسادَ اليانعاتِ ومعَ الآمالِ البعيداتِ في طواحين الحقدِ، الطّائفيّةِ والتّسلّطِ والمذهبيّةِ ؟؟
قتلتم فرحَنا..آمالَنا..بريقَ عيونِنا وضحكاتِنا.
حتّى الأملَ والحلمَ والكلمةَ؛ صادرتْم وأرهبْتم البشرَ المسالمين .
خنقتُم ثورتَنا بدمٍ باردٍ وحقدٍ أعمى وشرٍّ دفينٍ.
نكّستُم بيارقَ نصرِنا وأطفأتُم بصيصَ الأملِ بثورةٍ ، كعروسٍ رائعةِ الجّمالِ ، في عرسِها، تجلّتْ بأبهى حُلّةٍ ونقاءٍ وطهارةٍ .
ألا تخافون ربَّكم ومن بيده سيف َالحقِّ والحقيقةِ والعدالةِ السّماويّة ِ ؟؟
وطني ينازعُ..
ينزفُ..
يبكي ..
يحترقُ..
يحتضرُ ..
وطني لا وجهَ له .. الآنَ ، فكيفَ يدورُ نحو شرقٍ ينزفُ ويحتضرُ ؟؟ بربّكم كيف َ يُبصرُ ؟؟
وجعي ؟؟
وجعي عميقُ..
وجعي لا حدودَ له.. على وطنٍ ، يعيشُ فينا ويمشي في دمِ الشرايين، وينبضُ معَ كلِّ دقّةٍ ونبضٍ في صدورنا. وطنٌ ألوانهُ ورائحتُه تسكنُ حواسَّنا.
وطنٌ .. نحملُه في حقائبَنا ، حين نسافرُ؛ ويقتلُنا الحنينُ ..فنهرولُ عائدين .
كيفَ خطفتُم وطني؟ كيفَ شوّهتُم وجهَه الملائكيَّ ؟؟
كيفَ صلبتُم وطني على جلجلةِ الحروبِ والأجنّداتِ الخارجيّةِ ؟؟
كيفَ تركتُم وطني ينزفُ دونَ أن تتركوا لنا فرصةَ محاولةِ إنقاذِه وتضميدِ جرحِه النّازفِ فينا ، في أرواحِنا و لهفةِ إنكسارِنا ووجعِنا ؟؟ كيفَ تجرّأتم ؟؟
حزني يمتدُّ من بيروتَ إلى أسوارِ الصّينِ، ويمرُّ بالقدسِ وبلادِ الشّامِ وبغدادَ واليمن َوطهرانَ.
يلفُّ ويلفُّ العالَمَ ويعودُ خائباً.. مكسوراً..موجوعاً .. باكياً وشاكياً.
نحنُ قدّيسو هذا الشّرقِ وشياطينُه. وكطائرِ الفينيقِ ؛ نُبعثُ أحياءً ونحمي ، نضمّدُ الجراحَ وننقذُ الوطن َ . لا لن نعتادَ على الذّلِ والخنوعِ .
يا وطني.. يا وجعي العتيقَ والمسافرَ بين رمشِ العينِ ودمعِها ،
دموعي ..تنزفُ غضباً وقهراً وثورةً على من طعنَ الوطنَ وشوَّه وجهَه وتركَه بين أحضانِ ثورة ِ17 تشرينَ الحزينةِ؛ ينزفُ على أقدامِ صليبِ الشّرقِ المقدّسِ .، غُرِسِ في قلبِ وطني لبنانَ .