دولتي فعلت هذا
– طوابيرُ الذّلِ في رحيلِ السّقوطِ الحرِّ نحو النّهاية.
– سفنُ النّفطِ الإيرانيّة ، حصانُ طروادة لتبريرِ ضربةٍ عسكريّةٍ للنفوذِ الإيرانيِّ ، أم تدشينٌ لحقبةِ نفوذٍ إيرانية جديدةٍ ، ترسمُ ملامحَها أحداثٌ داميةٌ وانهياراتٌ كارثيةٌ ، بدأت تظهرُ وتتسرّبُ نتائجُ مفاوضاتِ فيينا ؟
– هل بدأ مشروعُ تقسيمِ وتقاسمِ الدّولِ الكبرى لمنطقةِ الشّرقِ والإستلاءِ على ثرواتِه ونفطِه وغازِه ومياهِه ومناطقِه الإستراتجيّةِ ، يخرجُ إلى العلن ؟
غادة المرّ – اللبنانيون الجدد
يتجاوزُ المرء ُجميعَ الأشياءِ ، ما عدا مأساةَ أن يُخذلَ في موقع طمأنينة.
دولتي فعلَتْ هذا..
في أفغانستان تحوّلَ الوطنُ طائرةً . عجلاتُها رسمَتْ حدوداً ، وفصلَتْ الموتَ عن الحياةِ بضعُ دقائقَ كانت دهراً.
أمّا في لبنان … غدا وطني باخرةً ، وحقيبةَ سفرٍ ومئاتِ الخيباتِ وضياعِ الأحلام.
الأرضُ ثابتةٌ والحدودُ معروفةٌ ، كيف أصبحْنا، نحن الشعبُ اللبنانيُّ مربوطٌ مصيرُنا بباخرة ؟
إن قُصفَتْ ، أو تعرّضَتْ للقرصنةِ ، هلكْنا.
كيف أصبحنا رهائنَ ؟ هناك من يقامرُ بنا مقابلَ نفطِ باخرة ؟
أنسيْتم يا سادة أن الباخرة َ…تغرق ؟
مخطىءٌ من يعتقدُ أنَّ ما يحصلُ محدودٌ وبسيطٌ ، إنّها لعبةُ الدّولِ الكبرى، لعبةٌ قاتلةٌ لا ترحم. صراعُ الأقوياءِ وجشعُ الحكّامِ والمسؤولين، وفسادُ السّلطات. وحدها الشّعوبُ المغلوبُ على أمرِها .. تدفعُ الأثمانَ، وتُزجُّ في آتونِ تلك المؤامراتِ السّوداءِ، وقوداً.
صراعاتٌ وحروبٌ ومؤامراتٌ، ناهيك عن تقاسمِ الحصصِ والمغانمِ. أبطالُها دولٌ تخوضُ حروبَها الباردةَ والسّاخنةَ وتستميتُ للسيطرةِ على الأرضِ والبحرِ، وتتصارعُ على تقاسمِ المياهِ والنّفطِ والغازِ ومناجمَ الذّهبِ والمعادنِ الثّمينةِ والثّروات.
وتغدو الأرضُ والدّول ُوالبشرُ، ساحاتٍ لتمريرِ الرّسائلَ الداميةِ فيما بينها، (الدّولة المتصارعة ) ولفرضِ كلمتَها على طاولةِ المفاوضاتِ في النّهاية.
غريبٌ، كيف تجري الأحداثُ وتتبدّلُ المواقف ُوتّباعُ الشّعوبُ وتّرسمُ التّسوياتُ على حسابِ دمِ ودموعِ ومآسي الشّعوبِ المستضعفةِ والمسالمة.
غريبٌ، كيف رسمَتْ صورةُ طائرةٍ أميركيّةٍ ، تجلي الألوف من الأفغانيين المدنيين، في رحلةِ الهروبِ من الوطن، مصيرَ شعبٍ وأبرياءٍ ومستقبلِ بلدٍ ، كان ضحيةَ صفقةٍ ومصالحَ بين الدّول.
غريب ٌكيف تركَ الغربيون أفغانستان، مخلّفين وراءَهم مخزوناتٍ هائلةٍ من المعادنِ الثّمينةِ بيدِ طالبان.!!!
غريبٌ، كيف انسحبَ الأميركيّون بليلةٍ وضحاها ، تاركين وراءَهم معدّاتٍ وأسلحةً وقواعدَ عسكريةٍ بالمليارات!!!
من منّا لم يقف مشدوهاً أمامَ صورِ الحشودِ الأفغانيّة ، الّتي بثّتْها شاشاتُ التّلفزةِ ،في مطارِ كابول. بشرٌ معلّقون بعجلاتِ الطائرة ؟
مؤلمٌ كيف وضعَ هؤلاء المساكين أحلامَهم وحياتَهم ومصيرَهم في طائرةٍ ، غدَتْ بحجمِ وطنٍ ضاعَ ، وبحجمِ حُلمٍ سُرق َوخيبةً بطعمِ العلقم.
ذهولٌ … كيف فضّلَ الكثيرون الموتَ تحتَ عجلاتِ الطائرةِ ، هرباً من قسوةِ مصيرٍ وقدر!
أهو غباءٌ أميركيٌّ ؟؟ أم استراتجيةٌ جديدة ٌ، دفعَتْ الولايات المتحدة بسيناريو جديدٍ لتلك المنطقة؟
أفغانستان اليوم ، الخطرُ الجديدُ والخِنجرُ في خاصرةِ من هم أعداءٌ قدامى وجدد : روسيا والصين وإيران.
لن نتأخر َلنشهدَ جبهة ًجديدةً تُفتحُ، وصراعاتٍ وأحداثاً هناك.
خطوط ٌجديدةٌ تُرسمُ في ملفِّ الصراعِ الأميركيِّ – الصّينيِّ ، والصّراعِ الأميركيِّ – الروسيِّ والكباش في المفاوضاتِ الأميركيّة والأوروبيّة – الإيرانيّة.
هذا إقليمياً و دولياً.
أمّا لبنانياً فالوضع ُمتروكٌ وممسوكٌ بالحدّ الأدنى.
القرارُ ليس بيدِ السّلطةِ والأفرقاءِ، فهم دُمىً وأحجارُ شطرنج بيدِ اللاعبين الكبار.
كلُّ خطوةٍ وتفجيرٍ واغتيالٍ وقمعٍ وتعطيلٍ واستنزافٍ لأموالِ النّاسِ وقدرتِهم على الإستمرارِ والصّمودِ ودفعِهم للهجرةِ او الإستسلامِ ، مدروسٌ وبكلِّ دقة.
تقسيمُ المنطقةِ ولبنانَ وتكريسُ الفدراليةِ أصبحَ واقعاً يتُرجمُ على الأرض .
كلُّ عملياتِ الإحتكارِ وفقدانِ الدّواءِ والمازوتِ والبنزين وقطعِ الكهرباءِ، وسائلٌ لتهجيرِ النّاسِ وتيئيسها وتطويعِها وصولاً لفرضِ الأمرِ الواقعِ وتقبّلِ ما سيفرضُ على لبنان ودول ِالمنطقة.
تدميرٌ ممنهجٌ لكلِّ مقوماتِ الدّولةِ ومؤسساتِها وصولاً لفرضِ واقعٍ ونظامٍ جديد.
سلامٌ وتوطينٌ وتطبيعٌ وهجرةٌ وتغيرٌ ديمغرافيّ.
هل تكون سفنُ النّفطِ الإيرانيّةِ واستيرادُ الدّواءِ الإيرانيِّ، بدايةَ تنفيذِ ما تمَّ من توافقٍ بين الأطرافِ في فيينا ، وتكريساً للفدراليةِ بعد فرطِ مؤسساتِ الدّولة؟
أم تكون تلك السّفنُ حصانَ طروادة لإضعافِ النّفوذِ الإيرانيِّ ولجمِه ، وتبريرِ توجيه ضربةٍ قاسيةٍ للبنانَ وخطِّ الممانعةِ فيه ؟
ما يحاكُ في الغرفِ السّوداءِ وعلى طاولةِ المفاوضاتِ وفي مطابخَ الغرفِ السّوداءِ ، خطيرٌ وعلى حسابِ الدّولِ والشّعوبِ المستضعفةِ والمغلوبِ على أمرِها.
ما كانت المؤامرةُ لتمرَّ لو كان في السّلطةِ في وطني رجالٌ أوفياءٌ ووطنيون لا يبيعون ولا يخونون وطنَهم وشعبَهم.
دولتي فعلَتْ هذا …
حكامي باعوا الوطنَ والبشر َونهبوا وعاثوا فساداً ووقّعوا هزيمةَ ثورةِ شعب.
نحن الثورةُ ، فعلْنا ما بوسعِنا ، ولكن يبدو أنّ ما فعلْناه لم يكن كافياً .
إن قررَ الشّعبُ أن يثورَ ويقلبَ الطاولةِ ويقاومَ، يكتبُ النهايةَ ويفرضُ الحلولَ ، ويُنقذُ الوطن.
الشًعبُ يقررُ ، الثورةَ والمواجهةَ أم الخضوعَ والإستسلام.
رُغمَ الدّموعِ وهولِ المآسي، لازلنا نُتقنُ حبَّ الغائيبين، حبَّ أولئك الّذين حصدَتهم مناجلُ الغيابِ من بين أيدينا ، ولا زالَتْ صورُهم وذكراهُم تتمدّدُ في عمقِ الذّاكرة.
إنّها رسائلٌ أخيرةٌ ؟؟
لا، النّهاية تأتي بلا رسائلَ.. ومن دونِ مقدّمات.