“مساعدات الأساطيل البحرية: سباق للسيادة أم حصان طروادة،؟”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
بعد انفجار مثلث “بيروتمودا” في ٤ آب ٢٠٢٠ واندثار آثار ملفات الصفقات المتراكمة في مرفأ بيروت، هطلت المساعدات الدولية على أرض لبنان المتعطشة للرعاية والاستقرار من كل نحو وصوب.
مبادرات فردية وجماعية من كل أنحاء العالم ربتت على كتف لبنان الذي تآكل بفعل الطفيليات السياسية وليس بفعل الزمن. إن شعور الشعوب ببعضها البعض وتضامنها وقت الأزمات هو دليل قاطع على أن الإنسانية أقوى من كل الاعتبارات العرقية والعقائدية التي استغلتها بعض السلطات لتجييش الشعوب على بعضها البعض.
واللافت في الداخل اللبناني أن الوحدة الوطنية وجدت منزلا في كل كومة حطام من حكام ونسجت معطفا من كل رقعة مزقها صبيان الزعيم. هذا التضامن الوطني الذي رمم إلى حد ما جدران الوطن المسلوب النوافذ يجب أن ينتشر أريجه في كل منزل في هذا البلد. إن تضامن المقيمين في لبنان من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية مع الشعب اللبناني يثبت أن معنى الوطن يتخطى مفهوم الجنسية وأن الغربة الحقيقية تكمن في انعدام الشعور بالأخوة والمحبة بين البشر.
لكن هذه المحبة تتلاشى تدريجيا بين سطور الاتفاقات الدولية والمصالح العالمية ويحل مكانها الاستثمار السياسي في الأزمات العالمية. والدول منذ تكوينها تنتظر الوقت المناسب لعرض عضلاتها الإنسانية كي تقطف مصالحها لاحقا بطريقة تكتيكية بعيدة عن مشهد الهجوم المسلح والغارات الجوية.وهنا يحق لنا كشعب لبناني يطالب بلبنان حر، سيد، مستقل أن نتساءل: لماذا لم ترسل هذه الدول مساعدات للشعب اللبناني عندما كان اقتصاده ولا زال يختنق من شح الأوكسجين الأخضر؟! ما الذي منع المجتمع الدولي من الحجز على أملاك وأموال السياسيين اللبنانيين في الخارج قبل الانفجار؟! ما هي تداعيات الأساطيل البحرية الآتية إلى آثار مرفأ بيروت من قبل دول منغمسة في الصراعات العالمية ضد بعضها البعض؟! وهل ستتحول هدية تلك الدول المتناحرة إلى حصان طروادة ينفجر جيوشا خارجية تتعارك على أرض الداخل اللبناني ولا يدفع ثمن الصراعات السياسية العالمية سوى الشعب اللبناني؟!
إن خطة قلب الطاولة على منظومة الفساد بأكملها هي المعادلة الوحيدة الكفيلة بتعزيز سيادة لبنان. وعلى الشعب اللبناني أن يعي أهمية تغيير العقلية اللبنانية القديمة بتوزيع المقاعد والمحاصصة وعليه أن يسعى جاهدا لانتخاب مجلس نيابي يمثله ويعطي الثقة لحكومة تعيد بناء لبنان الدولة المدنية العادلة وتنتج لنا رئيسا للجمهورية قادرا على حماية بلده حتى من دون صلاحيات.
أقولها بحسرة إلى شعبي المنكوب في لبنان، لقد كان الانفجار عادلا أكثر من حكامنا. فلم يميز بين فقير وغني، مسلم ومسيحي، كبير وصغير، ثائر أم تابع. لن تنتشلنا عقلية المناطقية والطائفية بعد الآن، لن يفيدنا صمتنا عن آليات الفساد لأن الفساد أصبح إرهابا يطال نوافذك يا شعبي الحبيب حتى لو أغلقتها بإحكام. ولن تفيدنا أساطيل العالم بأسره إن لم نكدح ليل نهار من أجل تشييد قلعة السيادة التي تستطيع ردع أي حصان طراودي مشبوه وشكر أي مساعدة تنم عن المبادرة لتكوين علاقات دولية دبلوماسية فيها مصلحة لبنان أولا.
فلنتحد أيها الشعب اللبناني ولنمجد سويا قسم الولاء للبنان أولا قبل أن تلتهمنا نيران الفساد ونصبح رمادا تبتلعه المكانس الخارجية بحجة التلوث البيئي!