وزارة الأشغال العامة في لبنان: فيضانات الفساد ومحسوبيات الأسياد

 

“وزارة الأشغال العامة في لبنان: فيضانات الفساد ومحسوبيات الأسياد”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
في كل سنة يغرق الشعب اللبناني بصمته الذي بات وقودا للفساد ويحترق بتأففه الذي تآلف وتآخى مع كل أنواع وأشكال الكوارث الناتجة عن أمراء الحرب وأسياد النهب. فلماذا كل هذا الإهمال والتقصير والفساد في وزارة الأشغال العامة في لبنان ؟ وإلى أي درجة ترتبط هذه الوزارة بمثلث برمودا التلزيمات؟ وأين ذهبت مجموعة النفقات التي صرفت على وزارة الأشغال والتي تقدر بسبعة مليار دولار تقريبا ؟
“الوزير لا يسقط إلا إذا سقطت مرجعيته، أي زعيمه”، هذا ما قاله أحد السياسيون. فعلا الوزراء والنواب والقضاة في لبنان دمى متحركة في أيادي أسياد الفساد وهذه المنظومة السياسية الفريدة من نوعها في كل العالم تسعى جاهدة إلى حماية بعضها البعض، لأن سقوط واحد منها يعني سقوط الجميع. إنها لعبة الدومينو بنسختها اللبنانية حيث الكل يبقى واقفا شامخا ولا يسقط إلا الشعب. وزير الأشغال العامة عام ٢٠٠٥ محمد الصفدي استلم الوزارة لمدة ثلاث سنوات لكنه أبدع في ابتكار طرق لنهب المال العام ومنها تعديات على الأملاك البحرية العامة في ميناء البربارة والزيتونة باي والتقصير والإهمال في إصلاح الطرقات والبنى التحتية. الفساد في لبنان إرث سياسي يتوارثه وزير تلو الآخر ففي عام ٢٠٠٨ استلم نفس الوزارة غازي العريضي الذي وبدوره غطى تعديات على الأملاك البحرية في جل البحر ومنح رخصة للبناء بطريقة غير شرعية، ناهيك عن مشروع السمرلاند عام ٢٠١٣ الذي تقاسمه مع ابنه وعائلته وأزلامه. إضافة إلى هدر المال العام من خلال منحه أموالا طائلة لمقربين منه بحجة ساعات العمل الإضافية. أما بالنسبة إلى التلزيمات والتنفيعات، فالعريضي سطع نجمه عاليا من مرفأ بيروت إلى التفتيش المركزي وملف ترميم سجن رومية وغيرها من فضائح نهب وهدر المال العام الذي كان من المفترض أن يصرف على الطرقات والبنى التحتية وتحسين وتطوير المرافق العامة.فخلال ست سنوات أنهك العريضي خزينة الدولة من دون حسيب أو رقيب.
“مسلسل السباق في نهب المواطن ” تابع مسيرته بدعم من أفضل المخرجين في سينما الفساد، زعماء الطوائف. تسلم غازي زعيتر الوزارة عام ٢٠١٤ وبدأ في تعلم فن القتال، قتال المواطن. وفور استلامه لزم مشاريع من دون إخضاعها لديوان المحاسبة ألغى مناقصات وصرف تعويضات عشوائية و” فتح دكانة عحسابو” كباقي المنافسين لسرقة أكبر قدر ممكن من عرق جبين الشعب. وكي يعاقبه دولة رئيس مجلس نهب المال العام نبيه بري، عينه وزيرا للزراعة لاحقا. وما أقصى هذه العقوبة! وبعده جاء يوسف فينيانوس الذي جير الزفت لحسابات انتخابية وفشل في حل مشكلة نفق شكا. لم يكتف فينيانوس بذلك، بل وجد ملاذا منطقيا لنهب وهدر المال العام وهو مراكز جرف الثلوج الوهمية التي جرفت اللقمة من فم المواطن وتركته يغرق بفيضانات الفساد بسلام.
أما نجيب ميقاتي الذي احتكر وزارة الأشغال لمدة ست سنوات فقد غض النظر عن الإصلاحات وعمل جاهدا لترسيخ قوته المستمدة من منصبه كوزير ولاحقا كرئيس للحكومة في الإستيلاء على القروض ووهبها لمن يشاء بفائدة لا تذكر وحرمان المواطن اللبناني من فرصة الحصول على قرض ميسر. هذا وقد ضجت مواقع إخبارية بارتباط اسم ميقاتي بقضية إحالة ملف الخطوط الجوية الأردنية إلى هيئة مكافحة الفساد الأردنية. إضافة إلى ذلك، ترأس الحكومة مرتين واندمج في نسج اللعبة السياسية اللبنانية من خلال تأمين الغطاء والحماية لأبرز رموز الفساد والإدعاء بالعمى الرقابي في عهده عندما حدثت تجاوزات من هنا أو هناك.
المواطن اللبناني اليوم كالأمس تماما غارق في شتائه وصامت في ندائه. وإن لم يستيقظ من سباته سيصبح المستقبل كرة زمن مصنوعة من فساد الماضي وصمت الحاضر ولن تسحق هذه الكرة العملاقة إلا ذلك المواطن الخاضع لأسياد الفساد وموعد الطوفان العظيم.

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …