يا أيتها البطون الجائعة / د.جوزف رحمة

يا أيتها البطون الجائعة

د. جوزف رحمة
اللبنانيون الجدد
بعدما بات الحجر المنزلي مُعَولَماً إثر ما ترتّب على انتظار هذه الجرثومة المُستجدّة، وبعدما طالت فترة تقنين الخروج منه، وملاحقة الخارجين عليه ومعاقبتهم تحت مُسمّيات حالات الطوارئ وحالات التعبئة العامة وحظر التجوُّل والحجر الإلزامي، ها قد توقّف العالم وباتت الحركة فقط للبطون الجائعة.
يا أيتها البطون الفارغة، إنني أكتب لكِ من محجري. أكتب لكِ وأنتِ تعانين بصمت، تعانين تعباً وإرهاقاً ووجعاً وجوعاً.
أكتب لكِ تحية، لا بل ألف تحية. تحية للّذي لا يملك بيتاً أو سقفاً أو حتى كوخاً، للّذي يعيش حبيس البؤس والقهر، للّذي يعيش من خوف الفقر في فقر، ومن خوف الذل في ذلّ. تحيّة للّذي لا يملك قوت يومه ولا حتى قراره، للّذي بيده وجبة باردة قُدّمت إليه. تحية لكلّ هذه الأيادي الخشنة واليابسة التي مُحيَت ملامحها من كثرة الإستعمال.
تحيّة لكم جميعاً، وأقول لكم بالفم الملآن، لا تخافوا. فقد هبَّت غيرَة الشخصيّات والأحزاب عليكم. لا تخافوا فالكلّ يعمَل ضدّ كورونا مِن عَرينِه. الكلّ يضع خِططٌ من دون التِفاف وَطَنيّ ونظرَة جامِعَة، وقسّموا هذه الجرثومة إلى كورونا مسيحيَّة وكورونا إسلاميَّة وأخرَى درزيَّة، وكورونا للأقليات أيضاً. وبقيَت الكورونا الوطنيَّة مَوجودَة فقط في بيوت المَحجورين مِمّن لا حولَ ولا قوّة لَهم. هؤلاء نراهم يتجمّدون في صمت، وكأنها ريشة رسّام ثائر.
يا أيها السيّد العزيز والحزب العزيز والتيار العزيز، فلْتعلم: ليس الفقر رذيلة ولا الحسنة العلنيّة فضيلة. تصدّق، ولكن تصدّق أمام الله وأمامه فقط، من دون مصالح شعبويّة ودعايات إيديولوجيّة وشعارات وعبارات مطبوعة على واجهة الكراتين.
الوطن الآن على مفترق طرق وأقصد كل الوطن. فبإسم المجاعة، إما يبقى وطناً واحداً أو يصبح وطن أشلاء.

 

رابط المقال على صفحة ال facebook

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …