إنتظَرْتُكِ يَا ثورتِي قبلَ أنْ تبرُدَ قهوتِي .. فلا تتأخَّرِي ..

غادة المر

 

إنتظَرْتُكِ يَا ثورتِي قبلَ أنْ تبرُدَ قهوتِي .. فلا تتأخَّرِي ..
تخيَّلوا أنَّ كلمةَ ( ثورة ) في مقالي هذا ، قدْ تَمَّ إستبدَلَها بكلمةِ لا لا لا لا. أيُّ هرطقَةٍ وأيُّ رُعونَةٍ لهذِهِ السُّلطَةِ الغبيَّةِ ،الّتي تَخافُ منَ الأغاني والمقالاتِ و الكلِماتِ .
غادة المر .?
أللّبنانيّونَ الجُددُ .??

قالوا : إنحَنِ قليلاً، فالرّصاصةُ في طريقِها إليكَ .
قُلتُ : إنَّها اختارَتني لأنَّني لا أعرِفُ الإنحِنَاءَ .
أعطَتْني الحياةُ جُرعَةً زائدَةً منَ الألَمِ، حينَ خَفُتَ بريقُ ثورَتي. لكنَّني ما زِلتُ أُبحِرُ راكِبَاً أمواجَ حُزني، في رِحلَةِ بَحث ٍ عنْ بصيصِ أملٍ ، كأنْ نستَيقِظَ غدَاً على خبَر ٍ يتصَدَّرُ الصفحَةَ الأُولى في جريدَةِ النَّهارِ:
إنقِلابٌ عسكَريٌّ ..بلاغٌ رقم ُواحِد ٍ.
-ألجيشُ يُسيطرُ على الشّارِعِ ويُديرُ المُؤسساتِ الرّسميَّةَوالحكوميَّةَ .
-إِعلانُ حالَةِ الطّوارئِ و مَنعُ التَّجوّلِ لمُدَّةِ 48 ساعةٍ.
-مئَةُ وخمسون نائب ٍ ووزيرٍ وزعيمٍ ومسؤولٍ في الإقامَةِ الجبريَّةِ.
-مُظاهَراتٌ مؤيّدَةٌ للجيشِ، تعُمُّ كافَةَ المناطِقِ، تُطالِبُ بمُحاكَمَةِ الفاسدينَ واسترجَاعِ الأموَالِ المسروقَةِ والمنهوبَةِ لخَزينَةِ الدَّولَةِ .
-ألقضاءُ ، ينحازُ للثورَةِ وللحَقِّ. فيُصدِرَ الأحكَامَ العادِلَةَ ،ويفتحَ الملفَّاتِ وأبوابَ السّجونِ للفاسدينَ .
حُلُمٌ ..طالَما راوَدَ ودغدَغَ مُخيّلةَ الثّوارِ الشّرفاءِ في وطنِي .
لطالَما أدرَكْتُ أنّني جُندِيٌّ.. ولِدْتُ لأخوضَ المعارِكَ معَ هذه الحياةِ بِكِّلِ عِنادِها الأحمَقِ .
حين ظهرَتْ ثورَةُ 17 تشرينَ، أدرَكْتُ وفي غمرَةِ عِناقٍ معَ حُلُمي القَديمِ، أنَّ الأحلامَ تتحققُّ .
إنَّ الثّورةَ لا تولَدُ فقط من رَحِمِ الأحزانِ، وإلّا سيكونُ مصيرُها الإنحِسارَ والإنطِفاءَ.إنَّ الثّورةَ تولدُ وتستمِرُّ معَ الغضبِ ورفضِ الذلِّ والقمعِ والحرمانِ .
ألا تستحِقُّ الثّورةُ فُرصةً ثانيةً ؟
مُتأخّراً تُدرِكُ ذلكَ. وتبقى تُراقِبُ الأحدَاثَ، مع عِلمِكَ المُسبَقِ بها، وكأنَّكَ اعتدْتَ على الإنتِكاسَةِ ويُغريكَ تكرارَها .
يا ثوّارَ بلادي..إغضَبوا بعدَ الحُزنِ والإحبَاطِ والصّمتِ، وحوّلوا الإنتِكاسَةَ والفَشَلَ، لإنتصَارٍ حتميٍّ .
يبدو أنّنا فعلنَا ما بوسعِنَا، ولكنْ ما بوسْعِنَا لم يكُنْ كافياً.
منْ يقتُلُكَ.. ليسَ منْ يُطلِقُ عليكَ الرّصاصَ ، بلْ منْ يقتُلُ أحلامَكَ .
كيفَ لكَ أنْ تصنَعَ أفراحَ الآخرينَ ، أولئِكَ منْ في السُّلْطَةِ مُترَبّعينِ، على حِسَابِ أفرَاحِكَ ؟
كيفَ لكَ أنْ تصمُتَ وتهرُبَ منْ سُلطَةِ اليَدِ العُليا، فتصنَعَ سُلطَتَكَ الّتي لا تقهَرُها سُلطَةٌ ؟
كيفَ لكَ أنْ تبني حياتَكَ كما تُريدُ أنتَ، وليسَ كما يُريدُها حُكامُنا الموتورون بالمناصبِ والنّفوذِ؟
كيفَ لكَ أن تُصمِتَ أحاديثاً تطالُكَ دونَ أنْ يكون لكَ رغبَةً في سماعِها ؟
كثيرٌ مِنَ التَّساؤلاتِ لا تُصِلُكَ إلى أجوِبَةٍ شافيَةٍ، وتبقى تُمورٌ في عُمقِكَ، إلى أنْ تحينَ ساعةُ الثَّورَةِ .
ثورَةٌ صافيَةٌ، تقتَلِعُ فيها كلَّ ما يأتِي أمامَكَ . ثورَةٌ، فيها حياةٌ أُخرَى أو موتٌ مُرِيحٌ .
ثَورَةٌ لا تُحدِثُ سوى الجنونِ .
عليْكَ تَخَطِّي الحُطَامَ الَّذِي يَمُرُّ بِكَ، لأنَّ الحيَاةَ لا تُقَدِّمُ رسَائِلَ إعتِذَارٍ وتأسُّف ٍ ،علَى ما يجْرِي، ولا تَعِدُكَ أنَّها المرَّةَ الأخيرةَ الّتي تُبكيِكَ فيها وتخطفُ أحلامَكَ .
إنْ مَرَّتْ بِكَ مشاعِرُ الخيبَةِ والإنكِفَاءِ، إنْ أتعَبَكَ الطَّريقُ وتاهَتْ بِكَ الخَطوةُ، حتَّى تلكَ النّدوبُ الَّتي في أعماقِكَ .. مَخفيَّةً ، لا تحزَنْ. كُنْ في الصّمودِ قُدوَةً ، لا تنحنِ ولا تيأسْ، عُدْ إلى السّاحاتِ.
ألأحلامُ تأتي منَ النَّوافِذِ والواقعُ يأتي من الأبواب ِ .
ربَّما لم يكنْ شيئاً مُهِمَّاً لكم يا حُكَّامَ بلادِي الفاسِدينَ .. لكنَّها كانتْ ثورَتِي .
إنتَظَرْتُكِ يا ثَورَتي ، قبلَ أنْ تَبرُدَ قَهوَتِي. فلتَحضَرِي، كي يمتَزِجَ عِطرُ الكرَامَةِ والعُنفوانِ والنَّصرِ، برائِحَةِ البُنِّ، فهو مزيجٌ مُسَكِّرٌ .
لماذا يحصَلُ كلُّ هذا معَنَا ؟ ألأنَّ اللهَ يُريدُنَا أقويَاءً ؟؟
نحنُ موتى ،لم يُعلَنْ عن وفاتِهم بعدُ .
فلا تتأخَّرِي …

 

تجده على الـ facebook

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …