سد بسري: إستكمال لإرهاب بيئي وصفقات سياسية

 

” سد بسري: إستكمال لإرهاب بيئي وصفقات سياسية”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد

لم تقتصر الأضرار جراء العواصف السيادينية التي هبت على لبنان منذ اتفاق الطائف على تعيين أزلام المليشيات الحزبية كموظفين ومدراء في القطاع العام وقوننة نهب المال العام وبناء دهاليز ممنهجة للمحاصصة والتعيينات المشبوهة فقط، بل لقد طالت هذه الأضرار المساحات الحرجية والتنوع البيولوجي والجيولوجي من خلال إنشاء سدود عشوائية تخدم جيوب الأحزاب العملاقة.
هطلت مشاريع السدود الفاشلة على لبنان بغزارة لامست حد الجفاف عند ارتطامها بأرض الواقع.فلا عجب أن يتحول لبنان إلى صحراء قاحلة طالما أن حكامه آتون من خلفية حرب أهلية. فهل نتوقع من ” أوباش شوارع” بعقلية تاجر فاجر أن يرتقوا إلى فهم أن بنية الصخور الكلسية في لبنان لا تتناسب مع إنشاء مشاريع السدود ولا يمكنها حفظ المياه داخلها. فكيف إذا كانت المياه مستوطنة لكل أنواع الطفيليات والميكروبات الكفيلة بالقضاء على جميع الكائنات الحية باستثناء السياسيين الحاصلين على رتبة مجرم بدرجة امتياز في الانحياز إلى مصالحهم الشخصية؟!
تعددت الجرائم البيئية والنتيجة واحدة وهي طمر الدولة اللبنانية بأطنان من الديون الخارجية التي دفع ولا زال يدفع فوائدها ذلك المواطن الهاتف باسم المجرمين أنفسهم.من سد القيسماني_حمانا إلى سد بقعاتة إلى سد المسيلحة وصولا إلى سد بسري، دخلت جغرافية لبنان المحدودة إلى بالوعة الصفقات والتمريرات الشبيهة بالثقب الأسود.
أما بالنسبة إلى التكاليف المالية الباهظة التي تكبدتها خزينة الدولة اللبنانية نتيجة تراكم الدين العام جراء إنشاء سدود فاشلة فإليكم الأرقام التالية:
كلف سد القيسماني على سبيل المثال، الممول من البنك الدولي والبنك الإسلامي بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار، حوالي ٥٠ مليون دولار أمريكي بسعة ٨٠٠ ألف متر مكعب من المياه تقريبا ( ” وهي الكمية التي ستتبخر صيفا لتصل إلى ٥٥٠ ألف متر مكعب فقط” حسب الناشط المدني رجا نجيم).ناهيك عن فشل سد المسيلحة الذي أقيم من دون تقييم للأثر البيئي ودمر مساحات شاسعة من وادي نهر الجوز التاريخي في قضاء البترون مع العلم أن السد أقيم على طبقة طينية يستحيل تخزين المياه فوقها. وقد كلف سد المسيلحة الدولة اللبنانية ( أي جيوب المواطنين اللبنانيين) حوالي ٦٥ مليون دولار أمريكي_ يا لها من جريمة بحق شعب!
هل تودون معرفة المزيد عن أموالكم وكيفية هدرها بدهاء السياسة وتشققات السدود العشوائية؟ تابعوا الأرقام التالية:
سد بلعا: ممول من إيران بمباركة أولية من جبران باسيل، تكلفته ٥٠ مليون دولار؛ نفذته شركة معوض وإده . هذا المشروع الفاشل يحثني على السؤال: ما كانت مصلحة إيران في دفع هذه الأموال لإقامة سد فاشل في منطقة مسيحية تتعارض مع إيديولوجيتها الدينية؟! وهل تم بناء خنادق سرية حربية أو ثكنات عسكرية سرية تحت هذه السدود؟!
سد بريصا في قضاء الضنية_ طرابلس: شيد عام ٢٠١٣ بهبة سعودية وطلب من وزارة الطاقة . كان من المفترض أن يغذي منطقة الضنية لكن أرضية السد تسرب المياه إلى باطن الأرض. فطبيعة الأرض في هذه المنطقة حسب الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعتيتي ” كاريستية”. كلف السد ما يقارب ال ١٤ ملون دولار امريكي بحسب مجلس الإنماء والإعمار و٣٠ مليون دولار أمريكي بحسب خبراء بيئيين .السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا قامت السعودية بدعم مشروع نفذ من قبل محور الممانعة حتى من دون دراسة الأثر البيئي؟!
سد جنة في قضاء جبيل:كلفة المشروع المعلنة ٢٦٣ مليون دولار أمريكي. تعهدته شركة برازيلية متورطة في ملفات الرشوة والفساد وتم تمويله من مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان مخالفين بذلك القانون اللبناني. هجر أكثر من ثلاثين عائلة من بيوتهم حيث تم استملاكها من قبل الدولة لبناء السد. ( علما أن ” جنة” لا يوجد فيها مستوصف أو مدارس). وهنا يجب استذكار ردة الفعل الكيدية من الدولة اللبنانية/ مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان بحق المزارعين آنذاك عبر قطع مياه الري عن مليونين ونصف شتلة فراولة لتلقين المزارعين المعترضين على السد درسا بلطجيا. بالإضافة إلى ذلك، أعطى الوزير السابق أكرم شهيب الإذن الخطي بقطع ما يقارب ٥٠ ألف شجرة من محمية جنة.وهذا سيحدث أضرارا بمغارة جعيتا ومياه أفقا ورويس وجنة ونهر ابراهيم.مما تقدر الخسائر المادية بمليار دولار كل عشرة سنوات بسبب تدمير السياحة البيئية.فهل دور الأحزاب السيادينية هو تحويل جنة إلى جهنم؟! وهل لا زلتم تتعجبون من انفجار الثورة في ١٧ تشرين؟!
سد بسري: تكلفته ما يقارب ٦٥٠ مليون دولار أمريكي ممول من البنك الدولي.يقع السد على فالق زلزالي وسيتم تخزين المياه الملوثة والمسرطنة فيه من بحيرة القرعون التي ستنقل إلى بيروت من خلال أنابيب ضخمة.وللتذكير إن مياه القرعون ليست صالحة حتى للري! اليوم لا زالت سلطة الصفقات المشبوهة تستكمل دورها الشيطاني في تحويل لبنان الأخضر إلى أحجار متصدعة. سد بسري سيؤدي إلى تدمير حوالي ٦ مليون متر مربع من أراضي الشوف وجزين الحرجية والزراعية وأكثر من ٥٠ موقع أثري.وحسب رئيس الحركة اللبنانية البيئية بول أبي راشد، إن فكرة السدود بدأت تتلاشى عالميا وبات يوجد اختصاصات جديدة في علم الهندسة تتعلق بكيفية هدم السدود. قروض جديدة من البنك الإسلامي للتنمية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير سيدفعها الشعب اللبناني_ نعم أنت أيها المواطن اللبناني ستدفع ثمن شربك لمياه مسرطنة؛ بمعنى أدق أنت أيها المواطن اللبناني تقترض أموالا لتقتل نفسك!
لماذا لم يتم إصلاح شبكات المياه واستثمار علمي لثروة المياه الجوفية في لبنان؟!لماذا لم يتم تنظيف مياه الليطاني وتطبيق قوانين صارمة تمنع رمي النفايات الصناعية والطبية وغيرها بالإضافة إلى شبكات الصرف الصحي فيه؟!
مرج بسري سيبقى مرجا ولن نقبل أن تحوله هذه الطبقة السياسية الفاسدة بمباركة الحكومة الحالية إلى سد المحاصصة وهدر المال العام. ما يميز هذا المرج هو وجود سهل زراعي كبير يمكن استثماره زراعيا للوصول إلى الأمن الغذائي وليس الإعلان عن جهاد زراعي في حوض صغير على شرفة المنزل!

 

تجده على الـ facebook

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …