مسكين أيها الدجاج، قبضوا عليك بتهمة فاسد !

 

“مسكين أيها الدجاج، قبضوا عليك بتهمة فاسد !”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد

اعتادت الحكومات المتعاقبة في الدولة اللبنانية على موسم الاستعراض الإعلامي لعضلاتها الاستخباراتية الاستنسابية في كشف فضائح الفساد مع الحرص الشديد على عدم محاسبة الفاسد، وإغلاق المحلات الفاسدة بالشمع الاحمر ومن ثم إعطاء الضوء الأخضر لأصحابها لأنهم أزلام لهذا الزعيم أو ذاك.
لا زال صدى الفاعور ” غير مطابق للمواصفات” يرن في آذان الشعب اللاوعي كرنين صفارة الإنذار لمحكوم بالإعدام. كل شيء في لبنان قابل للتجديد؛ فعبارة “منتهي الصلاحية” ليس لها مكان في القاموس التجاري اللبناني، لأن من وضع أسس هذا القاموس كلن متسكعا عبثيا في شوارع الحرب الأهلية وختم نفسه بأنه صالح للأبد. إن العرف السياسي في لبنان أقوى من القانون؛ فمثلا إذا كان القانون يقضي بسجن تاجر فاجر والعرف السياسي يملي على القيمين عدم اعتقاله لأنه مدعوم من الأحزاب السياسية، فالعرف الفاسد ينتصر والحق للقوة في بلدي لبنان.
فضيحة الدجاج الفاسد ستندرج على قائمة انجازات حكومة ال”دون كيشوت” التي ساهمت في كشف هذه الجريمة بحق الشعب فقط عندما تعارضت المصالح _ مصالح دفع الرشاوى وطلب بشراء محلات الدجاج الفاسد لجهة سياسية موالية لرئيس الظل. وعندما تعثرت عملية الشراء، أثيرت فضيحة الدجاج الفاسد ولو كانت الملكية العقارية قد انتقلت بنجاح إلى أزلام الصعلوك، لما كنا علمنا شيئا عن الدجاج الفاسد أمثالهم.
لقد تم القبض على الدجاج وأطلق سراح الفاسد. هذه هي استراتيجية الأمن الغذائي في لبنان. هذه الاستراتيجية اتبعها حكام لبنان حتى الآن والشعب تعود عليها وتآلف مع سيناريو السبق الصحفي لهذا الوزير أو ذاك. هل تذكرون فضيحة أدوية السرطان المزورة؟ هل تعلمون أن الأسواق اللبنانية غارقة بمولد غذائية وطبية منتهية الصلاحية؟ هل تعلم الحكومة التي تتقن تمثيل دور ” الخائف على الشعب من الكورونا” أن معظم الكمامات غير طبية وتباع في السوق السوداء؟! أم أن الحكومة تعلم وتغض النظر فكيف لمن يمتلك حصة الأسد أن يعترض على توزيع الحصص؟!
إن فضائح الفساد يجب أن تكون بمثابة الفرصة الذهبية للدولة كي تعيد إنعاش الاقتصاد اللبناني من خلال تغريم التجار الكبار مبالغ مالية. لكن يبقى السؤال من سيحاسب من؟! فالوزير ما هو إلا قطعة شطرنج تحركها أيادي الأحزاب السوداء لتمرير صفقات سوداء برداء أبيض وحماية تجار الأرواح الغير معترضين على سياساتهم.
ففي النهاية، الدولة اللبنانية قوية على الضعيف، ضعيفة أمام قوة الأحزاب والزعماء. هي دولة قادرة على زج بائع خضار في السجن إذا ركن عربته المتواضعة على رصيف مملوء بتشققات المشاريع الفاشلة ،؛في حين تجدها عاجزة حتى عن استدعاء تاجر زور أدوية وأطعمة وساهم في قتل مئات من البشر وظل متربعا على عرش الفساد لأن الملك فاسد والوزير فاسد والنائب فاسد والشعب تآخى مع الفساد فبات الفساد يليق به !

 

تجده على الـ facebook

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …