هل سيكون العالم أكثر رحمة في ظل حكم النساء
“السيانسوية: خطوة المرحلة البراغماتية للحد من أبوية السلاح النووي العالمي”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
منذ تكون العلاقات البشرية وتنظيمها ضمن قبائل وعشائر ثم تطورها من البداوة إلى الحضارة وتأسيس المدينة (polis في اليونانية والتي إشتقت منها كلمة politics سياسة)، سعى الإنسان إلى تطوير السلاح من أجل إما الهجوم على الآخر لسلبه خيرات أرضه أو للدفاع عنها؛ فاستخدم الآلات الحادة والسيوف والسهام والقذائف ولاحقا البنادق، حتى أنه في مراحل إنتشار الأوبئة كالطاعون مثلا كان يرمي الجثث المصابة على أعدائه كنوع من الحرب البيولوجية. ثم طور الأسلحة الذكية من صواريخ وأسلحة كيميائية حتى وصل إلى إكتشاف أقذر سلاح عرفته البشرية وهو السلاح النووي. ومنذ تأسيس الدول إستولى الرجل لدرجة كبيرة على إدارة البلاد، ونتيجة التربية الذكورية التي تشجع على العنف والإستقواء والتسلط، جنحت “الإدارات الأبوية العالمية” منذ آلاف السنين حتى يومنا هذا إلى صرف ميزانيات ضخمة على التسلح ومحاولة السيطرة على العالم. وتأرجحت المعارك الإستعمارية بين الشرق والغرب، وانقسمت الأرض بين عالم الشمال الذي يبتكر المعاهدات والإتفاقيات الدولية ولا يلتزم بها وعالم الجنوب الغارق بصراعاته الداخلية السيادينية التي خصبت الفساد عوضا عن اليورانيوم.
ولم تتمكن المرأة من دخول المجالات العلمية والأدبية والسياسية وغيرها إلا منذ عقود قليلة، خاصة بعد الحربين العالميتين حيث إضطرت الدول جراء التحاق معظم الرجال بالجيوش للقتال إلى الإستعانة بالعنصر النسائي لضمان ديمومة العجلة الإقتصادية. فما هي “السيانسوية”؟ وما علاقتها بإنقاذ العالم من الجنوح الذكوري نحو العنف وإلغاء الآخر إذا رفض الخضوع؟
مصطلح ” السيانسوية” من المفردات التي إبتكرتها الكاتبة نعمت كريدلي وهو يعني إقتحام المرأة عالم السياسة لإعادة التوازن في المكيال “الجندري” والتمرد على الإيديولوجيا والثوابت الذكورية السياسية المجحفة في حق المرأة بشكل خاص والإنسان بشكل عام.إذ تسعى ” السيانسوية” إلى زلزلة أساسيات العمل السياسي الذكوري الذي اعتمد منذ القدم على العقل وهمش دور العاطفة، فأدى إلى سحق الطبقات الفقيرة والمجموعات المهمشة في المجتمع. إضافة إلى ذلك، نتج عن إحتكار الذكورية للعمل السياسي ربط مفهوم السياسة بقلة الأخلاق والضمير والمهنية، مما أدى إلى خضوع كلمة السياسة لدلالات لغوية تتعلق بالاحتيال واللف والدوران والفساد والوجاهة الزائفة.إن فلسفة ” السيانسوية” ترتكز على تحقيق أصعب المعادلات البشرية وهي التوازن بين العقل والقلب، بين الحكمة والرحمة، بين المنطق والانفعال. والسيانسوية لا تسعى إلى إبعاد الرجل عن العمل السياسي، بل تهدف إلى المشاركة الجندرية العادلة التي تعيد التوازن في إدارة العالم وتضع النزعة الأبوية للتسلح النووي عند حدها، خاصة أن بعض الإدارات الذكورية للدول التي تمتلك أسلحة نووية تسعى لتطوير أسلحتها وإستخدامها كورقة ضغط وإبتزاز لتغيير المعادلات السياسية والإقتصادية في العالم.
إضافة إلى ذلك،بالرغم من إشارة معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام لتراجع عدد الرؤوس النووية في العالم من ٧٠ ألف في الثمانينات إلى ١٥ ألف حاليا (طبعا بإستثناء الرؤوس النووية التي تنتظر التفكيك) ، إلا أن دولا كثيرة بقيادات العقليات الذكورية الطامحة للإستعمار وإستضعاف الشعوب الأخرى لا زالت تنفق أموالا طائلة على التجارب العسكرية للسلاح النووي. دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، فرنسا، باكستان، الهند، كوريا الشمالية والكيان الإسرائيلي تمتلك أسلحة نووية بمعدلات مختلفة. والجدير بالذكر أن دولا كالولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا انضمت عام ١٩٧٠ إلى معاهدة حظر الإنتشار النووي، لكن باكستان والهند وكوريا الشمالية والكيان الإسرائيلي رفضوا التوقيع على المعاهدة. واليوم تسعى إيران بقيادتها الأبوية إلى إمتلاك السلاح النووي وهذه النزعة الذكورية قد أثرت على الصراعات الداخلية في الشرق الأوسط بين مؤيد ومعارض وساهمت في تعزيز سياسة الإستقواء العالمية، فبات وجود العنصر النسائي في إدارات دول العالم حاجة ملحة لفرض عقوبات على أي دولة تمتلك أسلحة نووية وإجبار كل الدول على توجيه النفقات المالية الضخمة المخصصة لتطوير الأسلحة من أجل السلام ومحاربة الفقر وتعزيز التنمية البشرية المستدامة. خاصة أن دولا ككوريا الشمالية تعاني من الفقر المدقع والبطالة ولا زالت تخصص ميزانيات ضخمة لتطوير سلاحها النووي.
فهل ستستطيع المرأة خلع الشرنقة المنزلية الأليفة وخوض معركة إعادة التوازن العالمي بين الحكمة والرحمة؟! وإن لم يتم تفعيل مفهوم السيانسوية في الإدارات العالمية، هل نحن ذاهبون إلى حرب عالمية ثالثة تهدد إستمىرارية الجنس البشري، أو على الأقل تؤدي إلى محو أعراق بشرية كاملة عن وجه الأرض؟!
رابط الخبر على صفحة ال facebook