بين ثورة العمّال وثورة العمالة، فرقٌ شاسع
د. جوزف رحمة
اللبنانيون الجدد
Dr. Joseph Rahme
وأنا أمشي في أحد شوارع بيروت الحبيبة، ألقى عليّ التحية بحرارة شديدة، وسألني: ما رأيك بما تفعله الثورة من شغبٍ وتدميرٍ وفوضى؟
ابتسمت وجاوبت، وكان لا بد من تدوين إجابتي.
نحن لسنا بمؤيدين ولا بمدافعين عن ما يفعله البعض من تخريب وتدمير وتجريح، ولسنا مع ثورة العمالة وأيضاً ضد ثورة التمويل.
ولكن يا صديقي، نحن ندافع بفخر وفي الصفوف الأمامية، عن ثورة حقيقية وحراكٍ عفوي نظيف يعكس أوجاع الناس، خصمه الوحيد هو سياسة إبقاء الجموع الفقيرة مقتنعة وساكنة وخاضعة.
نحن نثور بِاسم الدموع المتروكة قرب المرفأ وعلى كل مدفن شهيد، وأمام أجهزة التنفس وفي الأواني الفارغة.
نحن ندافع عن ثورة المظلوم على الظالم، والقتيل على القاتل، والمنهوب على الناهب، وثورة الحرّ على التابع، والديموقراطية على الديكتاتورية، والوطنية على التبعية.
نحن نثور وبفخر، على كل حاكمٍ حاز أقرانه على منافع الدولة، وأبناؤه على الممتلكات العامة، وأنسباؤه على الصفقات المريبة، وعشيرته على المناصب المصيبة.
نحن نثور بالصوت العالي، على كل مهندس فساد، وكل سائح جال العالم على حساب خزينة الدولة بحجّة تأمين احتياجات البلاد، وكل مدّعٍ للمعرفة خلال المؤتمرات، وكلّ مدافعٍ عن الحروب العبثية والرماح العميقة والسيوف الدقيقة.
نحن ندافع وبفخر، عن العاطلين عن الحياة والمحرومين من الأمل والممنوعين من المستقبل.
وأخيراً، وقبل الوداع، تأكّد يا صديقي أن السبب الوحيد لسؤالك هو لعبة سياسة المصالح والغرف السوداء، هذه الغرف المجهولة الهوية والمعروفة المصدر، التي تحرّك بعض نزلاء هذا الوطن على وقع مواقف حاكمٍ من هنا وزعيمٍ من هناك، لتحقيق مآرب تشبه أصحابها على حساب مظلومين، جِرمهم أنّ لا سند أو ظهر لهم، متروكون لقمة سائغة لعبْوة ناسفة وجرثومة قاتلة واقتصاد مهترئ وعدالة ظالمة.
إنها لعبة الرقص على جثث الأحياء، في دولة ترى في الناس قطيعاً ضربته مناعة الإعتراض حتى على الموت المحتّم.
https://www.facebook.com/newlebanese.org/posts/338924410870183