حربٌ عالميّةٌ ثالثةٌ..حربٌ باردةٌ وغيرُ تقليديّةٍ

 

حربٌ عالميّةٌ ثالثةٌ..حربٌ باردةٌ وغيرُ تقليديّةٍ .

تحالفٌ تركيُّ -إيرانيٌّ يشقُّ طريقَه في الشّرق الجّديد.
جبهاتٌ وتحالفاتٌ ونزاعاتٌ متنقّلةٌ.. تدويلٌ وإنتشارٌ وتوسيعٌ لمهامِ اليونيفل في لبنان.
لا حكومة ٌ في الأفق القريبِ في لبنان ، بعد إفشالِ المبادرة ِ الفرنسيّة.
معاهداتُ سلامٍ وتطبيعٍ مع إسرائيل ودولٍ خليجيّةٍ وإفريقيّة.

غادة المرّ 
اللّبنانيّون الجُدد

إنتهى الوقتُ..
أريدُللنّيرانِ أن تشتعلَ في ذاكرتي.. إحساسي كحُطام ٍ ،يحاصرُه الدّخانُ .
في كلِّ ركنٍ .. حريقٌ. في كلِّ زاويةٍ ..قتيلٌ. كلُّ شيءٍ يرحلِ، يموتُ ويبقى الرّمادُ، ووجعُ الذكرياتِ .
مُخطيءٌ من لا يعترفُ أنَّ سنةَ 2020 ،هي سنةُ الوباءِ والنّزاعاتِ والتّحوّلاتِ الدّراماتيكيّة في كلِّ
دولِ العالمِ .وقد تركَتْ دونَ شكٍّ تغيراتٍ على الشّعوب ِوالحكوماتِ ستطبعُ وتؤثر في حقبةٍ مقبلةٍ،
في مجتمعاتِ وإقتصادياتِ وسياساتِ تلك الدّولِ والشّعوبِ.
هي سنةُ النّزاعاتِ والحروبِ الباردةِ. أسلحتُها ..غيرُ تقليديّةٍ.جبهاتُها تكادُ تكون في مناطقَ عدّةٍ ..وهميّةً.
ضرباتُها و جنودُها ..غير ُ معلنين. العالمُ كلّه، يغلي على صفيحِ فوّهةِ بركان.

الصراعُ الأميركيُّ – الصيّنيُّ
بدأَ الصّراعُ الأميركيُّ-الصّينيُّ يتوحّشُ ويخرجُ إلى العلنِ، مع إنتشارِ جائحةِ Covid 19 ،و غزوها العالمَ بأسره. حجرٌ وهلعٌ وانهيارُ إقتصادِ دولٍ وتفشٍّ مرعبٍ للوباءِ ،أعقبها إتّهاماتٌ متبادلةٌ وصراعٌ شرسٌ ، طبعَ العلاقاتِ بين الدّولتين اللّدودتين، وبدأَ الصّراعُ المكشوفُ ،لمن سيكتبُ النّصرُ وبالتّالي من سيقودُ العالمَ إقتصادياً، مالياً ، سياسيّاً وتكنولوجياً للعقودِ المقبلةِ .

بعد أن سيطرتِ الصّينُ على الحركةِ الإقتصاديّةِ بادئ الأمر، عمدتِ الولاياتُ المتّحدةُ الأميركيّةُ للإلتفافِ عليها؛ وقامتْ بسحبِ الشركاتِ والمصانعَ الأميركيّةِ ونشرها في دولٍ أخرى، تشاركُها العداءَ للصّين.
أنشأتِ أميركا حلفاً ضمَّ الهند واليابان وكوريا الجنوبيّة،أندونيسيا، الفيليبّين وأستراليا.
قامتِ بتسليحِ الجيشِ الهنديِّ وتدريبه وتزويده بالأسلحةِ المتطوّرةِ والطّائراتِ ،ودعمِ الهند
إقتصادياً .وأقامت قاعدةً عسكريّةً لها على الأراضي الهنديّةِ.
وقد عمدَتْ شركةُ Apple للهواتفِ الذكيّةِ لإنشاءِ أولِ وأكبرِ معرضٍ لها في اليابان، بشكلٍ دائريٍ وعائمٍ على سطحِ المياه ، هو تحفةٌ معماريةٌ وهندسيةٌ .
حربٌ باردةٌ تدورُ وتشملُ مختلفَ القطاعاتِ الإقتصاديّةِ والصّناعيّةِ والتّجاريّة، ولن ننسَ الحربَ الإلكترونيّةِ والبيولوجيّةِ .
وليسَ خفيّاً على أحدٍ ، أنَّ ما يدورُ من صراعٍ محتدمٍ في الّداخل ِالأميركيِّ ، وبالتحديدِ الرّئاسيِّ، بين الدّيمقراطيّن والجّمهوريّن ، لا يخلو من أصابعَ خفيّةٍ للصينِ وإيران ،تندرجُ مجرياتِها بخانةِ هذه الحربِ الشَرسةِ ، في محاولةٍ يائسةٍ للتأثير على نتائج تلك الإنتخاباتِ ومن الّذي سيحكمُ البيتَ الأبيضَ وبالتّالي ، العالمَ للأربعِ سنواتٍ المقبلةِ .

الصّراعُ الأميركيُّ – الإيرانيُّ
إنسحبت ِالحربُ الباردةُ بين أميركا والصّين على الوضعِ في الشّرقِ الأوسطِ ، وتبلورَتْ عقوبات ٍ على إيران وإتفاقاً ضمنيّاً مع الرّوس ،لتحجيمِ دور ها وإخراجها من العراقِ وسوريا ولبنان.
وقد شهدَت تلكَ البلدانُ أعنفَ مقاومةِ للوجودِ الإيراني واجتاحتِ السَاحاتِ ،ثوراتٌ وإحتجاجاتٌ غيّرتِ الكثيرَ وقلبتْ موازينَ القوى على الأرضِ وعلى آداءِ الحكوماتِ في تلكَ الدّولِ .
عقوباتٌ إقتصاديةٌ وقانونُ قيصر ،وضرباتْ خفيَةٌ في الدّاخلِ الإيرانيّ.
يوازيه صراعٌ على السّيطرةِ على الأرضِ في سوريا ،بين روسيّا وإيران وتركيا. تلك الأخيرة دخلتّ شمالَ سوريا وأمتدَّ فيما بعد تدخلاً عسكرياً في ليبيا.
لا يكادُ يمرُّ يومٌ،دونَ أن تقومَ الطائراتُ الإسرائليّةُ بشنِّ غاراتٍ على مواقعَ ومخازنَ أسلحةٍ ،على الأراضي السّوريّةِ ودونَ حدوثِ إنفجاراتٍ غامضةٍ في إيران ، وقد إمتدّتْ لتشملَ الأراضي اللّبنانيّةَ .
تفجيرٌ في مرفأ بيروت، صُنّفَ ثالث أقوى انفجارٍ في العالمِ ” بيروتشيما”.
تفجيرٌ بسلاحٍ تكتيكيٍّ جديدٍ ، طالَ مخازنَ أسلحةٍ وصواريخَ ذكيّةٍ لحزب الله. تفجيرٌ دمّرَ وقتلَ وجرحَ وشرَدَ الآلاف. أعقبه تفجيرٌ غامضٌ لمخازن َ أسلحةٍ لحزب الله أيضاً .، في عين قانا ،جنوبَ لبنان.

الصّراعُ الفرنسيُّ والغربيُّ والخليجيُّ -التّركيُّ والإيرانيُّ
لا نكادُ ننامُ لنصحو على خبرٍ جديدٍ ، معَ كلِّ طلعةِ صُبحٍ . جبهةُ قتالٍ جديدةٌ ، فُتحَتْ منذُ أيامٍ معدودةٍ، بين أرمينيا وأذربيجيان. نزاعٌ قديمٌ برزَ إلى الضّوءِ فجاءةً . وبدأتِ المعاركُ والحشودُ والمحاورُ تتوضّحُ ، فسارعتْ تركيا للتدخّلِ في النّزاعِ ودعمِ أذربيجيان عسكرياً وإعلامياً، ولن نغفلَ تدخّلها العسكريَّ في كلٍّ من سوريا وليبيا ، ما أثارَ حفيظةَ إنزعاجَ مصرَ ودولِ الخليجِ.

الحلفُ الإيرانيٌ والتركيٌّ بمواجهةِ الحلفِ المصريِّ والخليجيِّ
الصّراعُ بين مشروعين ، في الشّرقِ الأوسطِ.تحالفٌ صعبٌ ، يشقُّ طريقَه إلى واجهةِ الشّرقِ الجديدِ.
تقودُه إيران وتركيا.وتسعى الدّولتان لترتيبِ جبهةٍ، تخدمُ مصالحَهما المشتركةَ وتعالجُ أزماتِهما المتشابهةَ والممتدّةَ من الأمنِ إلى الإقتصادِ والعُزلةِ السّياسيّةِ .
محاولةٌ جادّةٌ لفرزِ الدّولِ في المنطقةِ بين محورين ..مشروعين:
-المشروعُ الآيديولوجيٌّ للإسلامِ السّياسيِّ، بشقيّه: الشّيعيّ بقيادةِ إيران – والسّنيّ بقيادةِ تركيّا .
-المشروعُ الوطنيّ للدولِ المعتدلةِ الّتي تحررّتْ من أثقالِ الآيديولوجيّاتِ المتطرّفة، والّتي تتصدَرُها مصر والإمارات والمملكة العربيّة السّعوديّة.
ولعلَّ الصّراعَ القائمَ في ليبيا، خيرُ مثالٍ على ذلكَ .
وما دفعَ هذا الإتّفاقُ التّركيُ -الإيرانيُّ ،كي يبصرَ النّورٍ..هو التّغيَراتُ الإقليميّةُ الّتي طرأتْ على المنطقة، في إشارةٍ واضحةٍ، إلى إتفاقياتِ التطبيعِ والسّلامِ مع إسرائيل لدولٍ خليجيَةٍ وإفريقيَة.

فيما تبدو الدّولُ الوطنيّةُ ، مشدودةً نحو المستقبلِ ،بكلِّ تحدّياتِه العمليّةِ في الإقتصادِ والعلمِ والصّحةِ والأمنِ ، تبدو دولُ المشروعِ الآيديولوجيِّ، مشدودةً أكثرَ نحو التّاريخِ ؛ بحثاً عن خرائطِه وحِقَبِه وأمجادِه. وبالتالي ، جنوحٌ لإعادةِ تكوينها ولو بالنَارِ والحديدِ .

وختامُها مسكٌ مع لبنان .

لبنانُ و صراعُ المحاورِ والدَولِ :مصالحُها وأطماعُهاوحساباتُها .
ساحةُ مفتوحةٌ لكلِّ الصّراعاتِ والتّدخلاتِ وإيصالِ الرّسائلَ .
لعلَّ لبنانَ ينالُ قسطاً وافراً من تلك الحربِ الباردةِ حيناً والملتهبةِ حيناً آخر .

شهدَتِ السّاحةُ اللّبنانيّة تحولاتٍ جذريّةً ، وشهدَت ساحاتُه وشوارعُه ثورةً ،كادتْ تطيحُ بكلِّ السّلطةِ الحاكمةِ وقد عانى ما عاناه من أزماتٍ ضربتْ نظامَه المصرفيَّ والصّحيَ والسياحيَّ والتربويَّ.
وقامتْ فرنسا بطرحِ مبادرةٍ لحلِّ أزماته الإقتصاديّة والماليّة، وسعتْ لتشكيلِ حكومةٍ حياديّةٍ ، ترضي المجتمعَ الدّوليَّ وتستجلبُ بالتالي القروضَ والمساعداتِ الدوليّةَ السَريعةَ.
ولعلَّ الثنائي الشّيعيَّ، وبإعازٍ إيرانيٍّ، عمدَ إلى العرقلةِ وإجهاضِ المبادرةِ الفرنسيّةِ. ما دفعَ ماكرون لتخلّي عن لعبِ دورِ الوسيطِ والإنضمامِ إلى محورِ التشدّدِ وفرضِ العقوبات .
لا يبدو في الأفقِ القريبِ حلولٌ ، وقد جمّدَتِ الجهودُ لتشكيلِ حكومةٍ قبلَ الإنتهاءِ من الإنتخاباتِ الأميركيّة .
وتزامناً مع خطابِ الرّئيس ِ الفرنسيِّ ماكرون ، مرََ خبرُ إنتشارِ قواتِ اليونيفل في بيروت، مرورَ الكرامِ.
ولعلَّ هذا الإنتشارَ السّريعَ وبآلياتٍ ثقيلةٍ ، مع إحداثِ نقاطَ مراقبةٍ ثابتةٍ في مرفأ بيروت..
قد يكون مقدمةً لتدويلِ الأزمةِ اللّبنانيّةِ وتمهيداً لبسطِ وجودها وتوسيعِ إنتشارها وزيادةِ عديدها وعدّتها . وهذا ما تطالبُ به الدّولُ الأوروبيّةُ والولاياتُ المتّحدة ُالأميركية.ُ تطالبُ بإنتشارها على طولِ الحدودِ البرّيةِ والبحريَةِ وفي المرافئ والمطارِ .

كباشٌ حامي الوطيسِ وإنهيارُ مرعبٌ للقطاعاتِ المصرفيّةِ والتّجاريّةِ والسياحيَةِ والصّناعيةِ والصّحيّةِ .
هجرةٌ مقلقةٌ للطاقاتِ والشّبابِ اللبنانيِّ. إنهيارٌ كارثيٌّ للقدرةِ الشرائيّة ِ للمواطن.
غيابٌ تامٌ للخططِ الإنقاذيّةِ، أموالُ النّاس محجوزةٌ. وتعنّتٌ سياسيٌّ مزمنٌ. مع تفشٍ لجائحةِ الكورونا . وتوجهٍ لرفعِ الدّعمِ عن السلّعِ المدعومةِ من مصرفِ لبنان.
جنونُ إرتفاعِ سعرِ صرفِ الدّولارِ ؛ يقابلُه جنونٌ بأسعار السوبرماركت وتهريبٌ للمازوتِ والقمحِ
والسَلعِ المدعومةِ إلى سوريا عبر الحدودِ البَريَةِ ، دون رادعٍ أو حسيب أو تدخّلِ من قبلِ الدّولة .

يبقى الإنتظارُ سيّدُ الموقفِ ، ومع فشلِ المبادرةِ الفرنسيّةِ، تكونُ اللّعبةُ قد فُتحَتْ على المجهولِ.
ولعلَّ الأملَ يتجِهُ نحو التّدويلِ ، بعد أن فشِلَتْ الطّبقةُ السّياسيّةُ والسّلطةُ الحاكمةُ في إيجادِ
الحلولِ وفي إنقاذ الوطنِ وصيانةِ الدّستورِ وحمايةِ الإستقلال والإستقرارِ وحمايةِ حقوقِ وأموالِ المواطنين .
حربٌ عالميّةٌ ثالثةٌ غيرُ معلنةٍ .تقودّها أطماعُ الدّولِ ومحاورها. هي حربُ الغاز والنّفطِ ،ورسمٌ جديدٌ
لخريطة ِدولِ المنطفةِ في الشّرقِ الأوسطِ .

 

https://www.facebook.com/newlebanese.org/posts/339389680823656

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …