” الجاذبية الفرنسية تحاول إيقاع الثورة في غرام منظومة الفساد !”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
هل لا زلتم تبحثون عن حكومة إختصاصيين؟! هل تريدون تكليف أصحاب الاختصاص شرف قيادة البلاد؟! تمهلوا قليلا، ولنعد برهة دهر إلى الوراء. أيها السادة الكرام، أيها الشعب اللبناني المنكوب، من حكمنا ولا زال يحكمنا هم إختصاصيين، إختصاصيين في نهب المال العام والمحاصصة وتوزيع الثروات وشد العصب الطائفي والتفنن والإبداع بإلقاء التهم المعلبة على كل من ينتقد سياساتهم. فكل واحد من زعماء المافيا السياسية دمرنا كشعب على قدر معرفته واختصاصه؛ كل واحد منهم استنزف طاقاتنا ومستقبلنا على طريقته وشرد حنيننا لوطن ولد كبيرا فهرم قبل آوانه!
وها هو رجل الجاذبية السياسية، ماكرون، يخترق السيادة اللبنانية وينعش رئة الأحزاب المهترئة بقليل من تنفس اصطناعي دولي لغاية في نفس يعقوب. الرئيس الفرنسي الساحر أذاب قلوب الموالاة والمعارضة معا حتى وصلت قوة جذب حقله المغناطيسي إلى لاوعي بعض الثائرات، فرضخن لفحولة مواقفه السياسية وكدن أن يقعن في فخ تقبل “حكومة وحدة وطنية”. حكومة تعيد المجد للكيديات السياسية والمناكفات ووضع العصي في دواليب احترقت في انفجار ذلك المرفأ.
إن مسيرة النضال اليوم أصبحت أكثر صعوبة من أي وقت مضى، لأنها باتت تواجه داخلا سياسيا متعفنا وخارجا مزاجيا لا يهمه إلا مصالحه في المنطقة. لقد غض ماكرون النظر بمباركة من المجتمع الدولي عن مطلب الثورة اللبنانية الأول وهو خروج الأحزاب السياسية التقليدية من السلطة لنتمكن من تشكيل حكومة “مستقلين” قبل أن تكون حكومة ” إختصاصيين” . لقد قالها الثوار بوضوح “كلن يعني كلن” ولم يقصدوا أبدا أن يعودوا ” كلن يعني كلن” إلى موقع صنع القرار. فيا أيها الرجل الفرنسي “النبيل” كيف تطلب من المجرمين أن يبنوا سجنا يحاسبون فيه؟!
ومن هذا المنطلق، نجد معظم الوسائل الإعلامية التي كانت حاضنة للثورة تنساق في فلك المجتمع الدولي وتشن هجوما غير بريء على الثورة اللبنانية. وهذا الهجوم الإعلامي المفاجئ يأتي على إثر زيارة ماكرون والجلسة التأديبية التي ترأسها في قصر مدرسة المشاغبين.
إنه لمن السذاجة السياسية أن نسلط الضوء على مجموعة من المندسين أو المفجوعين ونحاول تضليل الرأي العام حول مصداقية الثورة ونلبس بالقوة كلمة الثورة حذاء سندريلا. وعندما نكتشف أن الحذاء ليس مناسبا لمقاس خطوات الثورة “الفلامينكية” ، نسارع إلى تسميتها بثورة “زعران”.
إلى من يستحم بالغباء السياسي يوميا، أقول له: من قال لك يا عزيزي أن كلمة ثورة تعني السلام والتهذيب والكلمات المنمقة والاحتفالات والمهرجانات؟! من قال لك أنه بعد عقود من النهب والمحاصصة والتهجير والقتل وزرع اليأس في نفوس الشباب وتفجير الأرواح والأفلام معا، من قال لك أن الثورة حمامة مسالمة تتظاهر بكامل أنوثتها وتطلب بخجل بعض الحبوب لتبقى على قيد الحياة؟!
الثورة جوارح عنيفة متعطشة للإنتقام ممن كسر أجنحتها؛ الثورة كواسر مفترسة تلتهم الأخضر واليابس بعدما حرمت من غذاء الروح قبل الجسد؛ الثورة انقلاب وشغب وشهب تخترق جحيم طبقة سياسية وقحة رمت لبنان الدولة في سلة المهملات. وعندما اشتمت رائحة الجبنة الفرنسية المنكهة بقليل من الزرشك وكثير من بهارات الوجبات السريعة، سال لعابها علها تعيد هيكلية جوفها السياسي الفارغ وتقدم إصلاحات لا تغني ولا تسمن من جوع.
في النهاية، لو اجتمع العالم بأسره لدعم هذه المنظومة الفاسدة بقطبيها الموالي والمعارض، سنبقى في طليعة الثورة المقدسة. وتذكروا جيدا إن لم تثوروا جميعا ضد هذه الجرثومة السياسية بألوانها المختلفة، هذه المرة لن ينفجر مرفأ أو بتصدع سدا أو تقتلع عينا، بل يا شعبي الحبيب هذه المرة سيطوف الفساد على الجميع والفرق الوحيد هو أن بعضنا سيموت واقفا والآخر سيلاقي مصرعه وهو يلعق حذاء الزعيم. إن لم نهدم اليوم كل السدود، الطوفان آت، آت لا محالة وكلنا سندفع الثمن!
https://www.facebook.com/newlebanese.org/posts/315787836517174