غادة المرّ
لبستُ ثيابي السّوداء يا ثورتي
جاري التّبرّعُ بالأنفاس ِ والدمِ من الثّوار ِ.
أيّها السّاكنون في قصوركم.. يا من تنامون على أسرّةٍ ووسائدَ
من دم ٍ ودموعٍ وذُلٍّ وقهرٍ وفسادٍ.
يا من تصمّون آذانكم عن صوت ِ ومطالب ِ وصرخات ِ النّاسِ
في الطّرقات ِ.
يا من تقمعون الثّوار َ وأنتم شياطين وصانعي المؤامرات ِ وسارقي ثروات ِ دولتنا المنهوبة ِ.
يا من تزجّون بالجيش ِ في مواجهة ِ الثّوار ِ، وقوداً لأطماعكم
ومخططاتكم وحفاظاً على مناصبكم وفسادكم وصفقاتكم
المشبوهة ِ.
يا من تدفعون بالوطن نحو مواجهات ٍ دمويّة ٍ وصدامات ٍ عنيفة ٍ، بسبب سياساتكم الفاشلة ِ، وتمسككم الأعمى
بالمناصب ِ والكراسي.
أبشري أيّتها الطبقة ُ الحاكمة ُ بأمرِ الإبتلاءِ ولعنةِ القضاءِ والقدر ِ ، وسوءِ نتائج ِ صناديق ِ الإقتراع ِ الملعونة ِ.
أبشروا أيّها الّذين صادرتم إرادةَ الشّعب ِ الصّامت ِوصوته.
فأقدامُ الثّوار ِ باتتْ على مشارف ِ قصوركم، وثورة ُ الجيّاع ِ
آتيت ٌ لا محالة ، ولن تتأخر َ.
حزينٌ قلبي .. وحزني لا حدود َ له ، على ثوّار ٍ جياع ٍ ، مساكين ، لم يعدْ لديهم أملاً ولا شيئاً يخسرونه، في مواجهة ِ
جيش ٍ ٍ مقهورٍ مثلهم، لكن لا حولَ ولا قوة ً بيده سوى إطاعة ِ الأوامر ِ المعطاة ِ له.
يتواجهون في الشوارعِ والسّاحات ِ.
الجيش ُ خطٌّ أحمرٌ.. ممنوع ٌ أن يُرشق َ بغير الورد ِ .
والشّعب ُ تحت َ خطِّ الفقر ِ والجوع ِ والقمع ِ، وسرقة جنى
عمره ، ومصادرة ِ رأيه وحرّيته وقراره .
والحكّام ُ خطُّ جهنّم َ، ولعنة ُ إبليس َ في زجِّ الجيش ِ في معركة ِ قمع ِ الثّورة ِ والثّوار ِ.
وهم في جنّة ِ السّلطة ِ وتخمة ِ الثروات ِ ورغد ِ العيش ِ.
ومن جحورهم ومن قصورهم يعطون النّصائح َ والتعليمات ِ ويجنحون نحو مزيد ٍ من التعنّت ِ والإستبداد ِ والقمع ِ وضرب ِ مطالب ِ الشعب ِ عرض َ الحائط ِ.
وهم ينفّذون رغبات ِ وأوامر َ الغرف ِ السّوداء ِ.
حزني يطول ُ ويطول ُ على وطني، دون أمل ٍ في الخلاص ِ
من تلك الطبقة ِ الفاسدة ِ
لبست ُ ثيابي السّوداءَ ، لأّن ثورتنا البيضاء َ تحتضر ُ
ثورتنا السّلميّة البيضاء َ الّتي أدهشت العالم َ على مدى ٣ أشهر ٍ ٍ، بدأت ْ تلفظ ُ أنفاسها .
تنفسي .. قومي .. قاومي
تنفسي لأجلنا ، لا تموتي في قلوبنا وفي ذاكرتنا.
تنفسي يا ثورتنا البيضاء َ والسّلميّة َ ، حتّى آخر ِ نفس ٍ ،
وعيشي في نبضنا وشرايننا حتّى الرّمق ِ الأخير ِ.
ثوري ، تمرّدي وحطمي قيوداً وأغلالاً وضعتها تلك السّلطة ِ الحاكمة ِ في معصميّك ِ.
أنفضي عنك ِ غبار َ قمعهم وإذلالهم لك ِ، ولملمي جراحك ِ
وإمسحي دموعَك ِ وقفي على قدميّك ِ من جديد ٍ.
إمشي مرفوعة َ الرّأس ِ ، فأنت ِثورة ُ ١٧ تشرين الرائعة .
أنت ِ أملنا الأخير َ والحلم َ الهارب َ من أيامنا الحزينة ِ.
قاومي .. تنفسي .. وعيشي لأجلنا.
ثوري وثوري وثوري
السّاحات ُ آشتاقت لك ِ..
والثّوار ُ نبضك ِ ودمهم دمك ِ، والوطن ُ يحتضنُك ِ بقلبه.
فتنفسي كي لا تموتي، كي لا نموت َ ذُلاً ، قهراً ، يأساً ، غربةً وجوعاً .
ثوري غضباً، كرامة ً، حريّة ً وأملاً لا ينطفىء.
ولا تدعينا نرتدي ثوب َ الغربة ِ والحزن ِ على وطن ٍ فقدناه
ومات حلماً فينا.
تنفسي .. تنفسي .. تنفسي يا ثورة َ ١٧ تشرين .
ِفأنفاس ُ ودماء ُ الثّوار جاري التبرّعُ ِ بها كي تتنفسي
وتعيشي .