ثلاثيّة الوطن: قضاء… . جيش… . شعب
غادة المر ، جريدة النهار
اللبنانيون الجدد
القضاء، ثمَّ القضاء ثمَّ القضاء.
أيُّها القضاء… قلوبنا ما زالت تنبض، لكن هذا لا يعني أنّنا ما زلنا أحياء.غالباً للقدر رأي آخر، لا يشبه أحلامَنا وأمنياتِنا. إن كان القضاء نزيهاً، مستقلاً وعادلاً… فنحن بألف خيرٍ، ولا خوف على لبنان، رغمَ كلّ الانهيارت المرعبة حولنا.
حرّروا القضاء من سَطوة السّياسة، ومن تحكّم السّياسيّن والسّلطة الفاسدة.
أحموا القضاة وارفعوا عن رقابهم سيف التعينيات القضائيّة الجائرة. وأبقوهم بعيداً عن التّدخّلات من أيِّ جهة أتَت، ومن أيِّ مسؤول كان من أصحاب النفوذ في السُلطة الحاكمة.
يا قضاة وطني الشّرفاء …
قاوموا أرجوكم… فاجئوا من ينتظر خوفكم وخضوعكم ويأسكم، من يراهن على انهياركم واستسلامكم.
ماذا لو استجاب لنا ولكم اللّه ومنحنا تلك الأمنية الّتي أقسمنا أنّها باتَت مستحيلة؟
أن نستردَّ بكم… الوطن، أن نستعيده ونبنيه واحة على مقاس أحلامنا؟
أيُّها القضاء… لا تخذُلِ الشّعب ولا تلوِ ذراع قلب الوطن. كن استثناءً عظيماً وملاذاً آمناً وطمأنينة، على هيئة بشر.
أصدر أحكامك وخُطَّ قوانينك. إفتح ملفات الفساد والصّفقات والإجرام وخيانة وطن.
أيّها القضاء… كنِ العدل والحقَّ والحقيقة وصوت الضّمير، على هيئة مطرقة ومحكمة.
كن يد َاللّه ولا تخذلِ النّاس المقهورة، وكن صوت المظلومين والمتعبين واليائسين، على هيئة ملائكة الرّحمة والعدالة الإلهيّة على الأرض.
تلك الطّاقة المخبّأة بداخلِك، إسمح لها بالخروج، يكفي النّاس ظلماً وقهراً وقمعاً، يكفيهم يأساً. مارسِ العدل واحكم بالحقِّ وجاهر بالحقيقة، في الخفاء والعلن، من يشاركك العيش على أرض وتحت سماء وطن وتاريخ وحضارة، فله الحقّ أن يشعر بالأمان والطمأنينة والعدل.
حين قررّ القضاء أن ينتفض، أن يباشر بفتح ملفّات الفساد ورفع الصّوت ونفض غبار الظّلم والوجع عن ملفّات نائمة في أدراج النّسيان، وفي ضمير المسؤولين الفاسدين في السّلطة وزواريبِها، أطّلَتِ المؤامرة… الشّرُّيرة والخبيثة برأسها وبدأت تنفخ سمومها وأحقادها. القضاء هو أهمّ ركنٍ وآخر ركيزةٍ للدّولة وهيبتها. إن فَسُدَ… إن تواطأ مع الباطل… إن أهمل وأدار ظهره لنور الحقِّ والحقيقة وأخلّ بميزان العدالة، إن تقاعسَ عن إداء دوره وخضع لحُكم وسطوة رجال السّلطة والسّياسة، إنهار المجتمع وعمّت الفوضى وسادت شريعة الغاب، وانعدم الأمن وبالتّالي تحوّلتِ البلاد غلى غابة وإلى بقعة للتّهريب والتّفلّت الأمنيِّ والجريمة، وغدَت خارجة عن القانون والسّيطرة.
إنَّ ما يحدث من ضرب وتهميش ممنهج لمؤسسات الدّولة، مرعب، وصولاً لهدمها وإضعافها وخرقها، وبالتّالي، للسّيطرة الكاملة عليها، جنون وغباء. ولعلّ ما يحدث من تجاوزات وتدخّلات سافرة في سُلطة القضاء، هو انتحار وجنون وانحطاط وتغييب لدور وهيبة الدّولة القويّة.
اللّهمَّ إنّي بلّغت…إحذروا المساس بهيبة القضاء وبهيبة الجّيشِ والقوى الأمنيّة.
اللّهمَّ إنّي أستودعك الوطن والأرض وتلك السّماء، فلا تجعله في قلوبنا، وجعاً لا ينتهي.
إرفعوا أيديكم عن الوطن وعن الجيش والقضاء. إرفعوا أيديكم عن الحرّيات والصّحافة والإعلام، وعن وطني لبنان، واهدونا من غيابكم رحيلاً وفرصة لننقذ ما أمكن. انتحروا من ذاكرة النّاس ومن حاضر وطنٍ، ساهمتم في نكبته.
إلى مزبلة التّاريخ، وعلى صدوركم تلمع أوسمة العار والفشل والنّهب، لأسوأ حكّام، حكموا وشهدوا أبشع جرائم إرهابيّة وأخلاقيّة، ستكتبها العدالة السّماوية بحبر الدّم والخزي على لوح التّاريخ والإنسانيّة. وسيخلّد على الّلوح، أنّكم يوماً شاركتم بأبشع سرقة موثّقة لأموالِ المودعين، وبأبشع تفجير في مرفأ بيروت، وبأحقر طمس لحقائقَ وملفات إرهابيّة ومافيويّة.
وأنّكم ساهمتم بزوال دولة، كانت سويسرا الشرق وغدت بفضل جهودكم في هذا القرن والعصر، فنزويلّا وصومال الشّرق، الحزين على مآثركم الّتي يندى لها جبين الكرامة والوطنيّة والإنسانيّة. بربكم… ارحلوا غير مأسوف عليكم.