إلى إخوتي في الثورة: الوطن طائر جريح لا يحتمل التجنيح!

 

“إلى إخوتي في الثورة: الوطن طائر جريح لا يحتمل التجنيح!”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد

منذ ولادتي، منذ الصرخة الأولى واليقظة الأولى، كنت ولا زلت أستنشق الحرية مع كل نفس وأشعر بالظلم والحرمان في كل مرة أجبرت فيها على التنفس من دون حرية. فكانت ردة الفعل الطبيعية لدي هي الثورة، الثورة من أجل استرجاع الأنفاس الحرة.
اليوم وبعد كل هذا الظلم الفتاك الذي افترس الشعب والوطن معا، يؤلمني مشهد الثورة الانحيازية ، ذلك المشهد الذي يعرضه بعض الثوار على مسرح بناء الوطن ويتقنون لعب دور النضال الوطني المنكه بالتبعية الحضارية لبعض رموز الحرب الأهلية والتوريث السياسي. يؤلمني مشهد “الفخ” في مسرحية “هاملت”، ذلك المشهد الذي يهدف إلى الحصول على دليل قاطع على جريمة اغتيال الملك وفي نفس الوقت يتسبب باغتيال المملكة كلها. يؤلمني مشهد الإنتقائية السياسية التي تتراقص فوق جثث البراعم، ذلك المشهد الذي يرتب الأحزاب الطائفية الدموية على رفوف التصنيف السياسي. فمنها ما يوضع على رف الإرهاب والإرتهان للخارج ومنها ما يوضع على رف الفساد والمحاصصة ومنها ما يحمل بلطف كجنين ولد قبل أوانه ليعترش رف النضال الأول والثورة الريادية!
أيها الثوار، يا رفقاء درب الانتفاضة من أجل تشييد دولة القانون، إن الثائر الذي لا ينتفض على بيئته السياسية أولا، لا يحق له أن يعرض عضلاته الوطنية في مسارح البيئات الأخرى، لأن النضال وقتها سيتحول إلى حبكة تصفية حسابات سياسية ضيقة لا تغني ولا تسمن من جوع. أيها الثوار الأحرار، عليكم أن تعوا أن بعض الأحزاب السياسية اللبنانية التي شاركت في السلطة ولوثت نفسها بدماء المحاصصة والتسويات السياسية تحاول اليوم ارتداء العلم اللبناني البراق وهي التي قد سلخت منه ظل الأرزة اللبنانية وأحاكتها فوق رداء الأصوات المبعثرة كرقعة لإخفاء صدى مسرح الجريمة.
إن مقولة “كلن يعني كلن” لا تندرج تحت عنوان الشعارات الطفولية الجذابة وهي ليست نتيجة ردة فعل انفعالية عاطفية ناتجة عن روح الشباب الثائر الذي لا يميز بين العقلانية السياسية والعاطفة الوطنية، بل هي مبدأ وطني توصل إليه الثوار الأحرار بعد معاناة رافقتهم في مختلف مراحل حياتهم، معاناة شارك فيها كل من توالى على السلطة بطريقة أو بأخرى. فمنهم من أطلق العنان لمخيتله في ابتكار طرق جديدة لقتل إخوته في الوطن، ومنهم من استفحل بالتهام خزينة الدولة حتى وصل إلى مرحلة العربدة السياسية، ومنهم من تولى منصب تقطيع قالب المال العام وتوزيعه حصصا على حلفائه وأعدائه، ومنهم من وضع أولوية مصلحة الوطن في ذخيرة تناساها عند أول منعطف لمعارك خارج حدود الوطن، ومنهم من باع سيادته لكيان بربري يدعي الحضارة من أجل شراء سيادة مجتزأة يتغنى بها كلما هبت رياح الطائفية ووجود الأقليات!
يا إخوتي في النضال الوطني، إن الطائر الذي تكسرت أجنحته وهو يحاول تحطيم قضبان قفص العبودية لا زال ينزف حتى الآن ولن يرضى أن يضمد جراحه من شارك في بناء ذلك القفص. فلنكن نحن ذلك الريش البرعمي الذي سينبت من عروق طائر الوطن حتى نصبح له أجنحة متمردة تجعله يحلق عاليا في سماء الحرية!

 

https://www.facebook.com/newlebanese.org/posts/309996323762992

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …