إلى متى ؟؟ أمرّتين الشّهداءُ ، يُقتلون ؟؟

إلى متى ؟؟ أمرّتين الشّهداءُ ، يُقتلون ؟؟
تعِبْنَا .. لكن لن نفاوضَ .. لن نتنازلَ ولن نركعَ .
من يغتالُ مجدّداً مرفأ بيروت َ؟
من رسمَ اليومَ لوحةً فنيّةً من دُخانٍ ورعب ٍ، رُسمَتْ بريشةِ فاسدينَ وإرهابينَ من بلادي ؟
غادة المرّ .🦋
اللّبنانيّون الجُدد .🇱🇧
عبرْتُ دهاليزَ الذّاكرةِ ، حيثُ يرقدُ اللّيلُ ، خبّأتُ مرارةَ الوجعِ في لعبةِ الضّوءِ والظلالِ ، وطويتُ صفحةَ الوجعِ الدّفينِ في سراديبَ سحريّةٍ .
رحلتُ في أعماقِ النّفسِ والسّفرِ في الذّاتِ، تحتَ رُكامِ أصواتٍ وصورٍ .
بعدَ رحيلكم الكارثيِّ ، في خِضمِّ جنونِ الإهمالِ والجريمةِ .رغمَ أنّي ما زلتُ أحملُ صورَكم داخلَ عيوني، ولا أستطيعُ رؤيتَكم بعدَ الآن .
أنظروا جيداً ،في مقلتيّ، ستروْنَهم هناك يلوّحون، كأنّهم يطالبون ويستصرخون كي نخرجَهم من هناك.
أنظروا جيّداً، ستجدونَهم مغروسين كمساميرَ تلمعُ، وقلبي وحده من علاه الصّدأُ والوجعُ .
متى يا وطني سنشعرُ أنّنا على قيدِ الحياةِ ؟
وما زلنا حتَّى اللحظةِ نبحثُ عن هذهِ الحياةِ ، بالرّغم أنّنا فيها .
هنا بيتي ..هنا قلبي.. هنا عقلي.. هنا روحي .. هنا أهلي
هنا نهايةُ حكايتي .. هنا تاريخي وطفولتي
هنا وطني ..
لماذا تستوطنُ ذاكرتي ؟
وأنا رحلْتُ عنِ الفرحِ ، طفلةً مشبّعةً بالدّموعِ وغرقتُ في بشاعةِ مشهدٍ ودوّي تفجيرٍ وضراوةِ نيرانٍ.
بيروتُ تصرخُ كفى ..
لأخبرُكَ يا وطني أنَّ الثّورةَ لا تموتُ، بل تولدُ في عروقِ الثّوارِ الّتي تشتعلُ بالحزنِ والغضب ِ.
هناكَ أشياءٌ كثيرةٌ ، ترحلُ دونَ عودةٍ، أشياءٌ تصبحُ ماضٍ ، نتمنّاه أن يعودَ يوماً، بعد أن كان حاضراً، لنتمسّكَ بكلِّ جزءٍ منه ونتوسّلَ أنْ لا يرحلَ .
ليس هناكَ من وجعٍ يفوقُ وجعَ أن يرحلَ عنكَ وطنٌ..تاريخٌ..ثقافةٌ..حرّيةٌ .. ومستقبلُ حُلمٍ .
فتحملَ حقائبَ سفرِكَ وتبتعدَ ، وأنتَ تُلقي النّظرةَ الأخيرةَ، وتلوّحَ بيدِكَ لكلِّ ما عاشَ وأختبأَ فيكَ .
تودّعُ وطناً ينازعُ على يدِ سُلطةٍ مجرمةٍ، وحكّام ٍ فاسدينَ،قاتلين،جزّارين وعديمي الضّميرِ والإنسانيّةِ.
تغادرُ وأنتَ تدركَ أنَّه رحيلٌ دونَ عودةٍ أو لقاءٍ قريب ٍ .
إنّهم ينزعونَ كلماتِ أغاني فيروز وصباح ووديع الصّافي وماجدة الرّومي . إنّهم يشوّهون َ كلماتِ أغنياتٍ تعيشُ فينا . إنَّهم يغتالونَ الفنَّ والموسيقى ويطاردونَ أحلامنَا .
يشوّهونَ التّاريخَ ويغيّرون الجغرافيا ، يكتمونَ في وطني صوتَ الرّ يحِ والعصافيرِ .
لماذا يشوّهون صوراً وحنيناً ، يمشي في عروقنا وذاكرتنا ؟
لماذا رائحةُ الخوفِ والموتِ والذّلِ ، تفوحُ في كلِّ مكان ؟
لماذا كلُّ هذا اليأس ِوالصّمتِ والخنوعِ ؟
أين النّاسُ والثّوارُ ؟ أينَ العالمُ الحرُّ ؟ أينَ الصّحافةُ ؟ أينَ رجالاتُ الدّولةِ الأحرارُ والقضاةُ الشّرفاءُ ؟
أينَ الحقيقةُ والعدلُ والسّلامُ في وطني؟
بيروتُ تصرخُ كفى ..
بكتْ فيروزُ شادي ، عقداً من الزّمنِ ، وبكينا معها. ونبكي اليومَ يا فيروزُ .. لبنانَ الّذي ضاعَ منَّا.
عذراً يا أدراجُ بعلبكَّ،فهم يطفئون أنوارَكِ الممتدَّةِ إلى حدودِ الحُلمِ والسّماءِ .
إنّهم يقتلونَ الوطنَ فينا ، وينزعون كلماتِ الأغنياتِ وبالتّالي يشوّهون التّاريخَ والماضي والفنَّ، ويطاردون أحلامنَا . ويدفعونَ بنا إلى هجرةٍ قسريّةٍ وغربةٍ حتميّةٍ. ونغادرُ مكسورين ومحطّمين ، فيعيشَ فينا وطنٌ وحلُمٌ لا ينتهي .
اليومَ .. ما احترقَ ..هو الحقيقة ُ.
إلى متى ؟ أمرّتين الشّهداءُ .. يُقتلونَ ؟ من يغتالُ من جديدٍ ، مرفأ بيروتَ ؟
اليومَ .. رأيتُ سماءَ بيروتَ تحترق ُ ، والدُخانُ يرسُمُ لوحةً فنّيّةً؛ بريشةِ حكّامٍ وسُلطَةٍ وإرهابيِّنَ من بلادي .
كمْ من مرّةٍ ستغتالون شبابنا، وتزرعون الخوفَ والموتَ ، في عيون وقلوبِ ِ منْ بقوا أحياءً ؟.
اليومَ ، عادَ المجرمُ ، يحومُ حولَ مسرحِ الجريمةِ. جريمةٌ من صنعِ سلطةِ وحكّام ِبلادي .
كيف لا ترون الحقيقة؟ وملامحَ المجرمِ ، تُرتسَمُ من خلالِ أعمدةِ الدّخانِ والنّارِ.؟
والأشدٌ رُعباً من العمى، أنَّ تكونَ الوحيدَ الّذي يرى .
أبكَتْنا بيروتُ وأنهكَنا هذا الوطنُ .
الأرضُ الّتي صدّرَتِ الحرفَ، تختنقُ وتعجزُ عنِ التّنفّسِ ،ونعجزُ نحنُ عن وصفِ فسادِكم وإرهابِكم.
أعطتني الحياةُ جُرعةً زائدةً منَ الألمِ، ولكنَّني ما زلتُ راكباً أمواجَ حزني، في رحلةِ بحثٍ عن الحقيقةِ وعن بصيصِ أملٍ .
هناكَ حزنٌ لا يرحلُ ،ووجعٌ لا ينتهي وخوفٌ لا يتوقفُ ..ودموعٌ لا تجفُّ ..
سأضيفُكم بين جدرانِ الصّمتِ..فأنتم كلُّ الكلامِ ، أخبروا الله بكلِّ شيءٍ ، أخبروه عن حكّامٍ فاسدين، فاشلين ومجرمين ،يرقصون على وجعِ النّاسِ وموتِهم ،ولا يرفُّ لهم جَفنٌ ولا ضمير ٌ .
أخبروا اللّه عن جحيمِ وطنٍ .. يعيشُ فيه كلُّ شياطينِ الأرضِ.
أخبروا الله ، وأخبروهم أننّا في نضالنا ومسيرتنا ومعَ ثورتنا حتّى الرّمقِ الأخير ِ .. ولآخرِ نفسٍ .
لن نفاوضَ ،لن نتنازلَ ولن نركعَ .
أخبروا اللّه َ عن كلِّ شيءٍ يحدثُ هنا .. لا تنسَوا . فنحنُ لسَنا بخيرٍ …
.

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …