” الاستثمار العسكري يسجن الأجنحة الطبية!”
نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد
استثمر الإنسان ذكاءه وماله وموارده بشكل هستيري في صناعة وتطوير الأسلحة لتغذية الحروب والنزاعات العالمية في العقود الأخيرة وأصبحت الدول المتخلفة التي ترتدي قناع التحضر تتباهى وتستعرض القوة العسكرية وقنابل إبادة الإنسانية وصواريخ اللارحمة وقد كلفها هذا التبجح العسكري مليارات الدولارات بالرغم من القدرة العقلية الهائلة التي وظفتها هذه الدول العظيمة لتحصين نفسها وتخويف الآخرين بالأسلحة الفتاكة، إلا أنها نسيت أو تناست ما فعلته سيول الأوبئة التي ضربت البشرية مرارا وتكرارا ولم تستثمر المليارات من الدولارات في البحوث العلمية والطبية كما فعلت في البحوث النووية. لم تبن هذه الدول الذكية مستشفيات كافية مجهزة لحالات الطوارئ ولم تدعم بشكل واف الجسم الطبي، بل صوبت كل طاقاتها لابتكار أسلحة لغزو ذلك البلد أو استعمار تلك الحضارة.
أما بالنسبة لدول العالم الثالث، فلم يكن لديها الوقت الكافي للاهتمام بالجسم الطبي نظرا لانشغالها بتصفية بعضها البعض ونهب شعوبها وابتكار طرق شيطانية لقذف قنابل الفتنة هنا وهناك. تلك الدول أصابها فيروس الجهل والغباء وبدلا من محاربته شجعت انتشاره ليصبح وباء مقدساً.
أشباه الدول لم تدرك أن إهمال القطاعات الصحية والاقتصادية والثقافية هو إرهاب بحق الإنسانية، لم تدرك أن الاستثمار المقدس هو في دعم وتطوير الجسم الطبي وأن هذا الدعم يفترش السجاد الاحمر لخطوات خلاص البشرية، لم تدرك أن الأطباء والممرضات والصيادلة وكافة الطاقم الطبي والعلماء والمفكرين هم بشر قرروا تجنيد أرواحهم لخدمة المجتمع.
اليوم أصبح لدينا باقة لامتناهية من الذكاء الاصطناعي ( الهاتف الذكي، القنبلة الذكية، الصاروخ الذكي، الحاسوب الذكي، المنزل الذكي، إلخ)، لكن ماذا عن ما أسميه ” بالذكاء الوجودي”؟! ألم يحن الوقت لمعرفة أن وجود الإنسان مرتبط بوجود أصغر حشرة على الأرض وأن الكون هو سلسلة مترابطة مع بعضها البعض من مجرات لم تكتشف بعد إلى حركة الكواكب إلى هجرة الطيور إلى نثر البذور؟! ألم يحن الوقت بعد للاستمتاع باليقظة الفكرية ودفن غيبوبة الجهل في مختبرات البحوث؟! ألم يحن الوقت بعد لإطلاق أسماء الأطباء والطبيبات والممرضات والممرضين والمفكرين والعلماء على شوارع المدن؟! فطالما أسماء شوارع مدنكم وأحيائكم هي أسماء السياسيين المنافقين لن تسلموا من أي وباء في المستقبل.
يا شعوب العالم ويا عالم الشمال والجنوب لديكم فرصة تاريخية اليوم لإعادة النظر في أولويات الوجود البشري، فإما أن ينحني جبروتكم للأجنحة الطبية والعلمية وإما ستهجركم تلك الأجنحة المقدسة عندما يأتي الطوفان وتصبح وسلية الطيران الوحيدة هي الطيران مع الأجنحة ( تابع )
رابط المقال على صفحة ال facebook
https://www.facebook.com/105606924201934/photos/a.105628454199781/201422284620397/