الحجر الأساس

 

انظر إلى تلك الأطلال فوق الجبل
هناك كانت قريتي على قمته معلقة
تخالها على السحاب مشيدة
يعلو في السماء دخان مواقدها
ويردد صدى الجبال أهازيج
نسائها
تراقص الطبلة و المزمار
في الساحة أطفالها
وتجمع موائد الأعراس أسرها
يحضنهم المسجد أحبة في الله وعصبة
لم تنل من قريتي السيول
و لا تساقط الصخور
ولا الثلوج التي عزلتها
بل نخرها الفقر في أحشائها
فأنطفآت مواقدها
و شحت موائدها
و غابت فرحتها
جاع أهلها ولم يأكلوا
مرضوا ولم يعالجوا
بحثوا عن عمل ولم يجدوا
طال انتظارهم
نفد صبرهم
خاب أملهم
ذهبوا لمن أعطوه
أصواتهم مقابل
وعوده الكاذبة
بالمستوصف
والمدرسة
والوحدة الصناعية
والكهرباء
والطريق المعبدة
ثم غفروا و صدقوا لما حل بينهم
الشيخ والقائد والمنتخب
فذبحوا الخراف و اطعموا و أكرموا
ووضعوا الهدايا في عربة رباعية
الدفع :
دجاج وبيض
سمن وعسل
زيت ولبن
ولو بهم خصاصة
فبني الحجر الأساس
وتعالت زغاريد النساء
وتبادل الكل التهاني
وتفرق الجمع
قيل ما هي إلا أشهر
وتتغير قريتي…
لكن مرت السنوات تلو الأخرى
طال انتظارنا
نفد صبرنا
خاب أملنا
مرة أخرى
أصبح السكان كل يوم
للأفق يستقصون
وإلى الحجر ينظرون
ينفضون عليه الغبار
ويطوفون حوله ويحلمون
يبنون ويهدمون
وأحيانا يتخاصمون
ضجر شبابنا و هاجر
و مات شيوخنا على الحجر
انظر إلى تلك الأطلال فوق الجبل
ذهبت قريتي ولا زال
الحجر الأساس .

عبد المالك رشدي (مشرع بلقصيرى -المغرب).

شاهد أيضاً

الظّلُّ الذي يأبى الموتَ

  1 – الأبُ بادرني بالقولِ وهو يزيلُ من حولِ عينيْهِ ما علِقَ بهما من …