العقوبات الأميركية: عدالة إستنسابية واستثمار سياسي
داني عبد الخالق
اللبنانيون الجدد
وقع قسم من الشعب اللبناني في فخ التهليل للعقوبات الأميركية على طرف واحد من منظومة الفساد ونسوا أن سياسات الدول العظمى لا تهمها مصلحة الشعوب الأخرى، بل تحاول توظيف مطالبها ومعاناتها لتحقيق مكاسب جيوسياسية في المنطقة.
لا شك أن فرض العقوبات على زعيم التيار الوطني الحر يشفي غليل بعض اللبنانيين لأنه وتياره انغمسوا في ملذات السلطة وتناسوا واجباتهم الوطنية والأخلاقية تجاه شعبهم، لكن ليس لوحدهم. فأين هي العقوبات الأميركية على باقي زعماء الأحزاب الطائفية التي شاركت في الحكم منذ عقود ولم تكتف بنهب المال العام والمحاصصة والإهمال، بل وصل بها الأمر إلى عرقلة أي قانون يصب في مصلحة المواطن اللبناني. بالإضافة إلى ذلك، الطبقة السياسية الموالية والمعارضة قتلت وشردت وهجرت الشعب اللبناني ولا زال زعماؤها يمرحون ويسرحون بيننا من دون حسيب أو رقيب. هل يكفينا كشعب منهوب ومضطهد معاقبة خارجية لجهة داخلية واحدة في السلطة؟! أم أن الداخل اللبناني المتمثل بالإرادة الشعبية يجب عليه أن يفرض العقوبات على كل الأطراف دون استثناء؟!
لا يهمنا تصفية الحسابات السياسية للخارج ولن نرضى بعدالة مجتزأة تهدف إلى إضعاف جهة فاسدة ودعم جهة أخرى لا تقل فسادا وإجراما. إن الشعب الذي لم يتجرأ على محاكمة مجرمي الحرب، لن يستطيع أن يحاسب الفاسدين. وتذكروا جيدا أن لبنان الجديد لن يبنى على أنقاض التوريث السياسي مهما حاولت أجيال الحروب الجديدة أن تبدو حضارية، فأجود أنواع الرخام البراقة يمكن أن توضع على القبور ، لكن جوف تلك القبور سيبقى مليئا بالجثث وستظل تسمى قبورا!