بيروت ُوالمرفأ ..إلى الحياة بنكهة وقدرات لبنانيّة.
سلامٌ لأرضٍ خُلِقَتْ للسّلامِ، وما رأَتْ يوماً سلاماً .
غادة المرّ
اللّبنانيون الجدد
دراسةٌ وتصاميمٌ إبداعيّةٌ،رسمتْها مخيّلةُ مهندسٍ لبنانيٍّ وفريقُه ، تجرّأَ وحلُمَ بمرفأ، يضاهي بحداثتِه وجمالِه وتصاميمِه أكبرَ وأهمَّ المرافئ في الشّرقِ الأوسط .
دراسةٌ حملتْ بصماتٍ لبنانيّةً .رسوماتٌ هندسيّةُ خرجتْ من الورقِ لتمحوَ الدّمارَ والغبارَ وترفعَ الرّدمَ وتلملمَ القصصَ الحزينةَ وتجمعَ صورَ وأسماءَ ضحايا التّفجيرِ والّتي إلتصقتّ بالذاكرةِ ووجدانِ وطن . بخربشةِ قلمٍ وهندسةِ مِسطرةٍ وخطوطٍ مجنونةٍ بلونِ الغضبِ والتّحدي والعزمِ والإصرارِ على الصّمودِ، أعادتْ لبيروتَ بريقَها ولملمتْ الدّموعَ والحزنَ عن الأرصفةِ والمباني المهدّمةِ ،ورسمتْ صوراً وأملاً وحلماً ،أعادَ عاصمتنا والمرفأ إلى الحياةِ وإلى خارطةِ الحركةِ الإقتصاديّة في المنطقة والعالم.
أشرقتْ شمسُ لبنانَ،ونمتْ للفاجعةِ براثنٌ وصمتٌ يشبهُ الصّراخَ والأنينَ والوجعَ ،يشقُّ وجهَ السّماءِ في الرّابعِ من آب..ذاكَ الصّباحُ..لبنانُ يستيقظُ من دونِ عاصمةٍ،من دونِ مرفأ .
لهؤلاء..لمن اغتالوا وفجّروا عاصمتَنا ومرفأها ،لهم نقولُ :
لملموا عارَكم وحقدَكم وارحلوا. واقرأوا التّاريخَ جيّداً، فبيروت ُعاصمةٌ لا تعرفُ الإنحناءَ ولا تموتُ .
ولبيروتَ نقولُ :قومي من تحتِ الرّدمِ والدّخانِ والدّموعِ . فنحن شعبٌ،ضاربةٌ جذورُه في عمقِ حُمرةِ الشّرايين ونبضِ قلبِ الوطن.نحن شعبٌ لا نعرفُ الخضوعَ والإستسلامَ .
مهندسٌ لبنانيُّ شابٌ ،ثائرٌ وطموحٌ،عقدَ العزمَ على بلسمةِ جراحِ عاصمتِه الّتي يعشقُ، والّتي حملَها حيث ارتحلَ في قلبِه وروحه .حملَ القلمَ ورسمَ بحبرِ دمِه وثقافته وتاريخه مرفأ بيروتَ ،صوراً مشتْ في خيالِه بلونِ الحلمِ والمستحيلِ ، وكان أن هندسَ المرفأ المدّمرَ بأبهى حلّةٍ وتصاميمَ، سرعان ما خرجتْ إلى النّورِ وتجسّدَتْ من العدمِ والسّوادِ حقيقةً أروعَ من الخيالِ.
فكان أن رأينا معه كيفَ رفعَ الرّدمَ والأنقاضَ ومحا الحزنَ والصّمتَ والموتَ عن الأرصفةِ والجدران ِ .
تجرّأ المهندسُ اللّبنانيُّ شربل أبو جودة ،أن يرسمَ أحلامه وأحلامنا، مدُناً وشوارعَ وجسوراً وأنفاقاً، معيداً بذلك مرفأ بيروتَ إلى الحياةِ من جديد. خفق قلبُ بيروتَ وخفقتْ قلوبنا معه .
أتتْ دراستُه وتصاميمُه إبداعاً وحجزتْ لبيروتَ مكاناً في مقدّمةِ الدّولِ الّتي تلعبُ دوراً مهمّاً في حركةِ التّجارةِ والسّياحةِ العالميّة .
تشملُ الدّراسةُ ،خطةً شاملةً وتصاميمَ مبهرةً ،بالإضافةِ لنظرةِ مستقبليّةٍ حولَ دورِ المرفأ المهمِّ وقدرتِه الإستعابيّةِ وحداثتِه التّي تواكبُ العصرَ وتنشّطُ الدُورةَ الإقتصاديّةَ وتفتحُ المجالَ أمامَ تطويرِ وخلقِ فرصِ عملٍ للشبابِ اللّبنانيِّ في المستقبلِ القريبِ .
كما عمِلتْ تلك التصاميمُ على جعلِ المرفأ قبلةَ الحركةِ الإقتصاديّةِ والسّياحيّةِ والتّجاريّةِ والعسكريّةِ .
شملَتِ الدّراسةُ بنوداً عدةً:
-توسيعُ الحاوياتِ وتكبيرُ مساحتِها، وتوسيعُ الأرصفةِ لتضمَّ أكبرَ عددٍ من الرّافعاتِ الضّخمةِ.
-دفعُ السنسولِ إلى الخارجِ ؛ إلى العمقِ ، فيتمكّنُ بذلك البور من إستقبالِ السّفنِ السّياحيّةِ العملاقةِ .
وتخصيصُ قسمٍ منه للسّياحةِ الدّاخليّةِ ، و القسمِ الآخر لإستقبالِ السّواحِ .
-إنشاءُ برجٍ عالٍ يضمُّ متحفاً لتخليدِ ذكرى التّفجيرِ وصوراً للموقعِ والضّحايا. ويعلوه مطعمٌ ،يتيحُ لروّاده التمتعَ بمناظرَ خلاّبةٍ تشرفُ على العاصمةِ والبحرِ .
-إنشاءُ أنفاقٍ وسككٍ حديديةٍ تربطُ المرفأ بالمناطقِ الأخرى وتساهم ُفي عمليّةِ الشّحنِ البرّيِّ .
-إنشاءُ مراكز َلصّيادي الأسماكِ،وتجهيز ُمطابخَ لغسلِ وتعليب ِالأسماك ِوتصديرها .
-إنشاءُ ثكنةٍ عسكريّةٍ لجنودِ الجيشِ اللّبنانيِّ ،تشكّلُ قاعدةً عسكريّةً حديثةً ومحصّنةً وتستقبلُ غوّاصاتٍ صغيرةً.
-إنشاءُ مكاتبَ إداريّةٍ لتخليصِ المعاملاتِ الجمركيّةِ وحصرها في مبنىً واحدٍ مع إدخالِ نظامِ المكننةِ الحديثِ لتسريعِ إنجاز وحفظِ المعاملاتِ ، وإنشاءُ مكاتبَ ومختبراتٍ حديثةٍ لتلك الغاية.
وبذلك يكون المشروعُ قد ضاعفَ مساحةَ البور 4 مرّات ٍوقد ضاعف أيضاً من حجمِ عملِ الإدارة 12 مرّة. وسيعملُ البور الجديد بطاقةٍ أكبرٍ وسرعةٍ مضاعفةٍ تصلُ لحدودِ 22 ساعة عملٍ في اليومِ .
-وقد عمدَتِ الدّراسةُ على التوصيةِ بالمحافظةِ على الإهراءاتِ القديمةِ المدمّرَةِ كشاهدٍ أثريٍّ ، يخلّدُ ذكرى ثالثِ أكبرِ تفجيرٍ في العالمِ بعدَ هيروشيما وناكازاكي .
-دون أن تغفلَ الدّراسةُ عن تخصيصِ إهراءاتٍ جديدةٍ لتخزينِ القمحِ . بكميّاتٍ أكبرٍ وبظروفِ تخزينٍ عالية الجودة والنظافة ،تضمنُ عدمَ تلفه وفساده .
هذه التصاميمُ والّدراسةُ ستجعلُ من مرفأ بيروتَ من أهمِّ وأكبرِ مرافئ الشّرقِ الأوسطِ ، ونظراً لموقعِ لبنانَ الجغرافيِّ المميّزِ ، عمدَتْ على توسيعِ البور ِ و تحديثه كي يتمكّنَ من المنافسةِ وخلقِ فرصِ عملٍ لآلافِ الشّبابِ اللّبنانيِّ وتحريكِ عجلةِ الإقتصادِ والتَجارةِ والسّياحةِ والنّهوضِ بالبلد .
وسيتّمُ الإستعانةُ بالجيشِ اللّبنانيِّ لتنفيذه والمساهمةِ في بناءِ البورِ والحدِّ من المصاريف .
تلك الدّراساتُ مجانيّةٌ وهي تقدمةٌ وعملٌ تطوّعيٌّ ودون مقابلٍ .وقد قدّرَتْ تكلفةُ هذا المشروعِ لإعادةِ بناءِ المرفأ وتطويره حوالي 5مليارات و500 مليون دولار أميركيّ .
وقد أوصتِ الدّراسةُ أن يتمَّ تأمينُ التمويلِ من كبارِ المستثمرين والمغتربين اللّبنانيّين المنتشرين في العالمِ وإينما وجدتْ BOT من الشّركاتِ اللّبنانيّة في الخارج ،وبذلك لتفادي طلبِ القروضِ ومراكمةِ الدّيونِ والمحاصصةِ من قبلِ السّلطةِ الفاسدةِ .
وتزامناً مع هذه الدّراسة اللبنانيّة ،عمدتْ شركاتٌ إلمانيّةٌ خاصةٌ على وضعِ دراسةٍ وتصاميمَ لإعادةِ بناء بور بيروت ،وقد قدّمتْ الشركةُ الإلمانيّةُ دراسةً حديثةً ومتطورةً، وبمقارنةٍ سريعةٍ بين الدّراستين،نجدُ أنَ التّصاميمَ والدّراسةَ الإلمانيّةَ قد حوّلتِ البور إلى سوليدير جديدة ،ذاتَ تصاميم َهندسيّةٍ رائعة َوأبنيّة ٍضخمة ٍو حوّلَته إلى مرفأ تجاريٍّ متواضعٍ فقط مع توسيعِه بإتجاهِ برج حموّد ،بعد أن إقتطعَتْ منه الأحواضَ الأربعةَ .وكأنّها قد تعمّدَتْ إسقاطَ بور بيروت من خارطةِ المرافئ الصّناعيّةِ والتّجاريّةِ والعسكريّةِ والسّياحيّة في المنطقة .
ما نتطلّعُ إليه، أن يتّمَ دراسةُ المشروعين بتأنٍّ وأن يتمَّ ،إختيارُ المشروعِ الأفضلِ للبنان وإقتصادِه ودورهِ الإقليميِّ . أو أقلّه أن يتمَّ التعاونُ والتنسيقُ بين المشروعين لما فيه مصلحة لبنان ،وأن يتمَّ تشجيعُ القدراتُ والأدمغةُ اللّبنانية .
كلُنا أملٌ أن نرى الحلُمَ يتجسّدُ على أرضِ الواقعِ وأن تعي السّلطةُ مصلحةَ لبنان وشعبِه و أن لا ينتصرَ الفسادُ والمحاصصة ُوالمصالحُ الفرديّةُ على حساب الوطنِ والمواطنِ .
وبما يتماشى مع مصلحةِ لبنانَ ووجودِه على خريطةِ منطقةٍ ،بدأتْ كلُّ دولةٍ فيها تعملُ وتحجزُ لها مكاناً على متنِ قطارِ المستقبلِ والإزدهارِ والتّقدّمِ والفوزِ بالغازِ والنّفطِ والماءِ وعقدِ الصّفقاتِ والتّحالفاتِ السّياسيّةِ والإقتصاديّةِ والتّجاريّةِ . وأخيراً العسكريّة.في منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ والعالمِ .
ليتنا نستطيعُ أن نبنيَ وطناً ومدُناً تشبه قلوبَ الأطفالِ،نخبّئُ فيها كلَّ الّذين نحبُّهم ،كلَّ الّذين أرهقَهم الحنينُ والغيابُ ، ليتنا نستطيعُ أن نجمعَ فرحاً وأملاً بهذا الوطنِ الجريحِ،بحجمِ الكونِ كلِّه ، ونهديه لكلِّ الّذين خطفَ الوجعُ بريقَ عيونِهم .