سقوط أصنام الطوائف
بقلم : عمار الحيدري
اللبنانيون الجدد
على وقع هتافات الشعب الموجوع سقطت أصنام الساسة المتلطية خلف عباءة الطوائف التي مزقت النسيج اللبناني لسنواتٍ مضت.
من هتافات القهر في حناجر الجياع التي أقلقت أروقة مصاصي دماء الشعب ولدت .. ثورة
من غباء أعقبه غباء لا لجهلٍ و إنماء لقلة حياء كانت ولادة الوعي الفطري لشعبٍ طالما كان نخبوي متقدم بأجيال عن سواه من الشعوب و خاصة شعوب المنطقة.
أدرك نفسه لأول مرة منذ عشرات السنوات ليستعيد ذكريات عامية أنطلياس ( ١٨٤٠ ) و ثورة الإستقلال ( ١٩٤٣ )
فكلاتا المناسبتان لهما رمزية تاريخية في النوستالجيا اللبنانية لحقبة الإنتعاش في فترة الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي.
أما جيل اليوم رغم أنه يشكل بمعظمه الجيل الرابع أو الخامس لتلك الحقبة لكنه إستلهم هذه الخطوة عبر ترددات حسية بعد إستسلام و خنوع مرير أوصله لحدود اللاعودة للوراء فلم يعد هنالك شيء يخسره فبالتالي فبات اختياره فرضياً لا إختياراً لمعركةٍ فرضت عليه فتلقفها كطوق نجاة لعلها تُوصله لبر الأمان المفقود منذ سنوات طويلة.
البحر من خلفكم و الجوع من أمامكم .. أمام هذا الخيار الوحيد وقف اللبنانيين بكل أطياف المجتمع متناسيين نزاعات الماضي القريب التي مزقته لمناطق و طوائف و مذاهب عدة فحركت فيه نهضة إيديولوجيا الفكر الوطني الذي تخلى عنه فيما مضى لصالح الطوائف و الإحزاب اللبنانية المتناحرة فيما بينها و التي بدورها ألقت نزاعاتها على كاهل الشعب الذي إنغمس بدوره بها لأسباب عدة وقتها.
أما اليوم .. فيقول سقراط الفيلسوف : ليست الشجاعة أن لا نسقط بل أن ننهض بعد السقوط.
فلردة الفعل التي جاءت نتيجة قرارات الحكومة بإصلاحات مزعومة للإقتصاد كانت بمثابة قطع الشعرة الإخيرة في البانوراما السياسية و الإقتصادية للكيان اللبناني من دولةٍ و شعب.
فقامت على أكتاف الفقراء و الجياع و التي باتت نسبتها عالية و مرتفعة جداً بين طبقات المجتمع اللبناني فكانت الشرارة الأولى خجولة لكنها سرعان ما إمتدت لكامل جسم الوطن و كانت كلمة السر لبداية ثورة شعبية وصفت حتى الآن بالثورة الأقوى و الأنجح بين الكثير من الثورات الشعبية في العالم.
لعل بصيص هذا النور يكون شعلة الخلاص لشعبنا الذي لطالما كان يستحق أن يعيش حياة كريمة.