عندما تهجّر الدولة الطيور ثم تدعوها لنثر البذور !

 

“عندما تهجّر الدولة الطيور ثم تدعوها لنثر البذور !”

نعمت كريدلي
اللبنانيون الجدد

وبعد أن تدحرج الشعب اللبناني بإرادته الطائفية نحو قعر ذلك الوادي الذي حفرته له منظومة زعماء المافيا السياسية اللبنانية، تأتيك هالة الزعماء المقدسة واحدة تلو الأخرى لتمن عليك بالنصائح الأينشتاينية وتدعوك لبناء اقتصاد منتج في بلد مفلس. هم يقولون أننا شعب مستهلك يستورد كل شيء. نعم، نحن كذلك بفضلكم، بفضل سياساتكم ومحاصصاتكم وزبائنيتكم ومغامراتكم وتبعيتكم وقلة وطنيتكم. هم يقولون أن القطاع الصناعي مهمش ومنبوذ ومتروك في مهب الريح. نعم، هو كذلك بفضل أحزابكم التي فرضت ولا زالت تفرض نسبة ٥١ بالمئة شراكة في كل عمل استثماري من مصانع ومعامل وشركات ومدارس وجامعات ومستشفيات واللائحة تطول. وأيضا بفضل فسادكم الممنهج لتفقير الشعب اللبناني جعلتم المغتربين ينفرون من الاستثمارات في الداخل اللبناني لأنكم دائما تتحلون ليس فقط بالجشع بل بالتخطيط التكتيكي لإبقاء شعبكم فقير ذليل ضعيف حتى تضمنوا تبعيته العمياء وانحنائه لكم عند كل منعطف كرتونة إعاشة. هم يقولون أننا نأكل مما لا نزرع. نعم، نحن كذلك بفضلكم وبفضل تحالفاتكم وصفقاتكم مع أعدائكم خلف الكواليس.
فكيف نزرع البذور والدولة نالت شهادة الدكتوراه في تلويث الأنهار والأجور؟! وإن زرعت البذور، من سيمولها، سيرويها، سيحرث ويحرس أراضيها ويغدق على المزارعين حفنة عافية مقابل تصريف حصادهم بين القصور والقبور؟!
أيها القادة الحكماء لقد زرعتم جميعكم بذور اليأس والذل والتبعية في نفوس الشعب؛ فهاجر من هاجر، وتاجر من تاجر، وأضحت الأرض قاحلة لكل حر خصبة لكل فاجر. أما نحن الأحرار فدعوني أقل لكم ماذا زرعنا:
زرعنا حرفية الحرف في رقاع الأرض؛ زرعنا إبداع الصمود في الوطن وابتكار التكيف مع الغربة والوعد_ الوعد بالعودة إلى أحضان المجد؛ زرعنا السلام والأحلام في الجيل الجديد الذي لم يشهد حربكم الأهلية لكنه زج في معارك حروبكم الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية. بالأمس أنتم زرعتم الحقد واليوم نحن نزرع الأرض_ أرض لبنان الجديد، أرض اللبنانيين الجدد، أرض الأجداد والأحفاد، أرض الانتماء الوطني والإنتاج المحلي، أرض الفلاحين والأدباء والعلماء.
بالله عليكم تنحوا جانبا! لقد فشلتم فشلا ذريعا في بناء وطن ودولة تحفظ كرامة الإنسان من الجوع_ لا ليس فقط جوع الرغيف الذي نستورد حتى قمحه، بل جوع الطيور إلى التحليق عالياً وهي متأكدة أنها ستجد قوتا لصغارها الذين ينتظرون عودتها باطمئنان وسكينة، فالأجنحة لم تخلق للركود في قفص وطن أو الرفرفة في قطب غربة!

 

تجده على الـ facebook

شاهد أيضاً

مقابلة محمد البخيتي مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني رانيا عبد الخالق

مقابلة محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله مع الصحافية الأمريكية من أصل لبناني …