في لبنانَ .. نحنُ لا نعيش ُ بلْ ننجو .
الغازُ يرسِمُ سايكس – بيكو جديد في المنطقة .
سيدي الرّئيس ، إحملْ معكَ الإنتدابَ ، حين تعود ُ وخذِ الإستقلالَ ، لم نعدْ نريدُه .
فوطني أصبحَ مقبرةً . حكّامُه تحوّلوا جمعيّةً لدفنِ الموتى ..
غادة المرّ .🦋
اللّبنانيّونَ الجُدد .🇱🇧
إعتدْتُ كلّما كسرَتْني الحياةُ أن أجمعَ حُطامي َوأبتسِمَ، وأُقْنِعَ نفسِي أنَّ الجِراحَ لا بُدَّ أن تلتِئمَ .
لكن ، في هذا الوطنِ ، فقدْتُ عُمرِي وأنا أُضمّدُ تلكَ الجرَاحَ الّتي لا تنتَهِي .
وإستنفَدْتُ طاقَاتي وأنا أحاولُ إيجادَ أعذارٍ لكلِّ تلكَ الخيباتِ الّتي لا تنعدِم.
إلى الّذينَ بقَوا على قيدِ الحياةِ، خلفَ ملامحِهم يخفونَ قِصصاً منَ الحُزنِ والخيبَاتِ ، لا يشعرُ بها أحدٌ غيرُهم، ولا تزَالُ وجوهُهُم تبتسِمُ وقد أرهقتْها الحياةُ . أصمدوا .
إنتهتِ الحربُ العالميّةُ الأولى سنة 1918 م .
عُقِدَتْ إتّفاقيّةُ سايكس -بيكو ، بين فرنسا وبريطانيا ، الّتي نصّتْ على تقاسُمِ تِركَةِ الرّجلِ المريضِ، العثمانيِّ ، عام 1916 م وكذالكَ برزَ إلى النّورِ وعدُ بلفور ، الّذي أُبرِمَ عام 1917 م .
كان وعداً بإقامةِ وطنٍ قوميٍّ لليهودِ في فِلسطينَ .ووقّعَتْ معاهدةُ فرساي .
إمتدَتْ تلكَ الحقبةُ 104 سنوات ٍ، أي عقداً منَ الزّمنِ ، وكان لا بُدَّ من أن تجتمِعَ اليومَ الدّولُ العُظمى ، لإعادةِ رسمِ خريطةِ المِنطقةِ وتوزيعِ النّفوذِ وإقتسامِ المغانمِ والثرواتِ من جديدٍ .
بعدَ 11 أيلول ، وبروزِ مرحلةِ التّشدّدِ السّنيّ مع أسامة بن لادن وتَوسّعِ رُقعَةِ الإرهابِ والتفجيراتِ والعمليّاتِ الإنتحاريّةِ ، جنَحَ الغربُ وعلى رأسِهم الولاياتُ المتّحدةُ الأميركيّة ُ نحوَ تقويةِ النفوذِ الشّيعيِّ مُقابِلَ النّفوذِ السُّنيِّ .فأطلقوا يدَ إيران في العراق َ وبسطَتِ الأخيرةُ سيطرتَها عليه وأمتدَّ نفوذُها إلى سوريا ولبنان واليمن .
قامتِ إيرانُ بإنشاءِ حزبِ الله وأمدّته بالسّلاحِ والذّخيرةِ والتدريبِ والدّعم ِ المطلقِ ، ألّذي تماهى دورُه وبرزَ جليّاً مع الإنسحاب ِالسّوريِّ 2005 ، عَقِبَ مقتلِ رفيق الحريري . وقد أحكمَ قبضتَه وبسَطَ نفوذَه على لبنان .
في مطلعِ هذه السنةِ ،2020م إتُّخِذَ القرارُ بتحجيمِ دورِ إيرانَ ، وتقليصِ نفوذِهَا خارجَ أراضيها.
وكانتِ البدايةُ زلزالاً ضربَ المنطقةَ سياسيّاً وعسكريّاً بإغتيالِ أبو مَهدي المهندس و قاسم سليماني ،مهندس ُالتّوسّعِ والتّمددِّ الإيرانيِّ خارج َ حدودِها .
أخذَتْ روسيا ببسطِ سيطرتِها على الأراضِ السّوريّةِ ، كذلكَ دخلتْ تركيا الصّراعَ في الشّمالِ السّوريِّ وليبيا . تزامُناً مع الحظرِ المفروضِ على إيران ، فرضتِ الولاياتُ المتّحدةُ قانونَ قيصر .
في الرّابعِ من آبَ الجاري، عندَ السادسةِ وسبع دقائقَ ، شنَّ الطّيرانُ الإسرائيليِّ هجوماً بالصواريخِ على مرفىءِ بيروتَ ، مستهدفاً شُحنةً من الصّواريخِ الذكيّةِ الّتي أفرغتها باخرةٌ إيرانيّةٌ في القسمِ 5، ما أدّى لإنفجارها ، وقدِ امتدَّتِ الشرارةُ لتفجّرَ أكياساً من النيترات والأمونيوم الّتي كانت موجودةً في القسم ِ 12 . ما أدّى لحُدوثِ إنفجارٍ هائلٍ ، وصلتْ ترددّداتُه الى قبرص والأردن .
أعلنت ْ إسرائيلُ مسؤوليتَها عن ِالهجومِ بادِئ الأمرِ. لكنَّ هولَ الكارثةِ وفداحةَ الخسائرِ البشريَةِ والماديّةِ وقوّةَ الضّربةِ ، فاجأتِ الضاربَ والمضروبَ .
وسارعتْ إسرائيلُ لنفيِّ المسؤوليةِ وعدمِ تبنّي الهجومِ . بالمقابِلِ صمتَ الحزبُ ولم يعترفْ بالهجومِ كي لا يُحرَجَ ويضطرَّ لتبرير ِ وجودِ صواريخَ ومخازنَ سلاحٍ له في مرفىءِ بيروتَ المدنيِّ ووسطِ أماكنَ سكنيّةٍ ، من جهةٍ ، ومن جهةٍ أخرى كي لا يكون حزبُ اللّه مُضطرّاً للردِّ على الهجومِ .
ضربةٌ هزّتِ العالمَ وصُنفَتْ بثاني أعنفِ إنفجارٍ في العالمِ بعدَ هيروشيما .
نحنُ الآنَ أمامَ إستحقاقاتٍ مصيريّةٍ :
-إعلانُ المحكمةِ الدّوليّةِ الحُكمَ في قضيّةِ تفجيرِ رفيق الحريري . وما سيترتّبُ عليها من تداعياتٍ .
-التجديدُ لليونيفل UN ، في الجنوبِ وتوسيعُ صلاحيّاتِها ، وزيادةُ عِتادِها و عتيدِها .
-تَرسيمُ الحدودِ البحريّةِ والبّريّة ِالمتاخِمةِ للحدودِ السّوريّةِ ، ووقفُ التّهريبِ وضبطُ الحدودِ .
-إعلانُ دُفعَةٍ جديدةٍ من العقوباتِ الدّوليّةِ والعربيّةِ الّتي تشمَلُ شخصيّاتٍ مُقرّبةً من حزبِ الله .
-تَشكيلُ حكومةٍ حياديّةٍ، تُرضي الثّوارَ والدّولَ الغربيّةَ، مع إجراءِ حُزمةً من الإصلاحاتِ والتَّحسيناتِ التّي يفرِضُها العالمُ الغربيُّ وصندوقُ النّقدِ الدّوليِّ لضخِّ المساعداتِ اللازمةِ للنهوضِ بالإقتصادِ .
-إجراءُ تحقيقٍ دوليٍّ غيرُ مُعلنٍ شفافٍ لتفجيرِ المرفئِ .وهناك أربعُ فِرَق ِتحقيقٍ على الأرض ِ اليومَ :
فريقٌ أميركيّ FBI ؛ وفرق ٌ إلمانيّةٍ وفرنسيّةٍ وتركيّةٍ .
-الحديثُ عن إقامةِ فيدراليات ٍ وحُكمٍ لا مركزيٍّ .بإشرافٍ دوليٍّ ويشملُ كلَّ دولِ المنطقةِ .مع بروز ملامحَ تسويةٍ وتطبيعٍ للعلاقات ِ مع إسرائيل ،لدولٍ عربيّة وخليجيّةٍ وإفريقيّةٍ ، ستحذو قريباً حَذْوَ الإماراتِ المتّحدَةِ .
فهل ستجلسُ كلُّ الأفرقاءِ إلى طاولةِ المفاوضاتِ ؟أم سنشهدُ تصعيداً وضربةً أو ضربات ٍ شبيهةً بضربةِ المرفأ ؟
هل نحن أمامَ إتفاقيّةِ سايكس بيكو جديدة ، تمتدُّ لعقدٍ من الزمن في المستقبلِ ؟
كُلُّ ذلكَ يتزامنُ معَ حركةِ سُفنٍ وقِطعٍ حربيّةٍ فرنسيّةٍ ، بريطانيّةٍ وأميركيّةٍ وغيرُها منَ الدّولِ، ترسو في مرفأيِّ بيروت وطرابلس.
وقد فُتِحَتْ شهيّةُ الدّولِ المنخرطةِ في التحالُفاتِ والصّراعاتِ في المنطقةِ ، بعدَ إكتشافِ أكبرِ حقلٍ للغازِ في العالمِ ، البلوك 4 وحقولٍ للنفطِ قُبالةَ الشّاطئِ اللّبنانيِّ .
والغاز ُهو طاقةُ المستقبلِ، وهو موجودٌ على تُخومِ الإتّحادِ الأوروبيِّ ، أول مُستهلكٍ للغاز ِ في العالمِ .
نحنُ الآن ننتظرُ رسمَ خريطةِ المنطقةِ وتقسيمَ الشّرقِ ودولِه ، مع إبرامِ إتفاقياتٍ وتحالُفاتٍ جديدةٍ ، وقد توقّفتْ أعمالُ التّنقيبِ واستخراجِ النفطِ ، بسببِ فيتو أميركيّ ، فرضته أميركا بالتنسيقِ مع فرنسا ، للعملِ أوّلاً على ترتيبِ الوضعِ في لبنانٍَ والمنطقةِ .
وهناك أمران تسعى الولاياتُ المتّحدة الأميركيّة لحلّهما:
-موضوع ترسيمِ الحدودِ مع إسرائيل َ وعلى مُستَوى البلوك 9 .
-موضوعُ سلاحِ حزبِ اللّه ووجودِ قواعِدَ إيرانيّةعلى البحرِ الأبيضِ المُتوسّطِ، على الحدودِ معَ إسرائيلَ .
فلننتظرْ ما ستحمِلُهُ الأيّامُ منْ أحداث ٍ وتطوّراتٍ محتملةٍ .وما سَتُسفِرُ عنهُ طاولةُ المفاوضاتِ التّي ستجلِسُ حولَها كُلُّ تلكَ الدّولِ المُنخَرِطَةِ في الحروبِ والصّراعاتِ في المنطقةِ .
أيّها الضّحايا الأبرياءُ .. ناموا بسكونٍ ورنّموا أغنياتِ الطّفولةِ البريئةِ واحلَموا بنورٍ وفرحٍ لا ينتهي .
بِئسَ زمنٍ أصبحنا فيه ، نتمنّى إنتدابَ دولةٍ متمدّنةٍ ، علّها تنقذُنا من براثنَ سُلطَةٍ ،حوّلتْ حياتَنا جحيماً لا يُحتمَل .
نحنُ أمواتٌ لم يُعلنْ عن موتِهم بعدُ .. سيّدي الرّئيس ، نحنُ رهائنٌ لدى تلكَ السُّلطَةِ المجرِمةِ ، بربّكم .. حَرِّرونا .